تعوّل المملكة العربيّة السعوديّة على العلاقات المهمّة الّتي ربطتها بالولايات المتّحدة الأميركيّة خلال العقود الماضية والتي شابها بعض التوتّر خلال فترة رئاسة باراك أوباما.
في هذا السياق، فإنّ زيارة الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي للولايات المتحدة الاميركيّة، ولقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لها مدلولاتها على الصعيد الداخلي في المملكة حيث تعزز ما يتردد بأن ابن الملك سلمان بن عبدالعزيز البالغ من العمر 31 عاما، يتقدم على ولي العهد الامير محمد بن نايف الذي يكبره سنا ومرتبة في ادارة شؤون البلاد، وهذا امر غير مألوف في التسلسل الهرمي في السعودية.
لكن هذا الامر لم يمنع الاوساط الدبلوماسية والسياسية الغربية والعربية من القول بأن هذا اللقاء يعتبر نقلة نوعية في العلاقات بين الرياض وواشنطن، بعد عهد الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما حيث حصل توتر بين الدولتين على خلفية الاتفاق النووي الإيراني مع العواصم الغربية الكبرى.
ومن هذا المنطلق وصفت مصادر سعودية الزيارة "بالتاريخية"، مما دفع احد مستشاري الامير محمد بن سلمان للقول ان اللقاء مع ترامب وضع الملفات العالقة بين واشنطن والرياض في وجهتها الصحيحة، وهو نقلة نوعية على جميع الصعد العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية.
وأضاف المستشار بأن ولي ولي العهد السعودي ينظر الى الاتفاق النووي مع طهران بأنه "خطير جدا"، مشيرا الى وجود تطابق بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية حول نظرتهما للنشاط التوسعي الإيراني في منطقة الشرق الاوسط.
واشارت المصادر الدبلوماسية الغربية ان القضية الاكثر الحاحا والتي تطرق اليها الجانبان السعودي والاميركي هي فشل قوات التحالف التي تقودها السعودية بإعادة تأسيس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وانصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح المدعومين من ايران منذ قرابة عامين.
واضافت المصادر نفسها ان هذا اللقاء شكل فرصة لتحقق المسؤولين الاميركيين بشكل واضح من الاستراتيجية السعودية الحالية، في هذه الحرب وما يمكن ان تؤدي واقعيا.
واعتبرت المصادر انه نظرا لتطور المعارك في اليمن فانه من الصعب على الحكومة اليمنية الشرعيّة وقوات التحالف التي تقودها السعودية استعادة صنعاء دون نتائج كارثية انسانيا، مع ما يمكن ان يتبع ذلك من عمليات تمرد وحروب استنزاف، مشيرة الى ان البيت الأبيض وجّه أسئلة محددة الى ضيفه السعودي حول كيفية مفاوضات سلام جدية.
وفي هذا السياق ايضا اشارت مصادر دبلوماسية عربية إلى ان ولي ولي العهد السعودي استوضح كبار المسؤولين الاميركيين الذين التقاهم، حول اطر المقاربة الجديدة لادارة ترامب بالنسبة للمشاكل التي يثيرها الايرانيون في الشرق الاوسط، وليس في اليمن فقط بل في سوريا والعراق ولبنان، وما اذا كانت واشنطن مستعدة للتدخل عسكريا في سوريا لدعم المعارضة ضد القوات التابعة للنظام السوري وحلفائه المدعومين من ايران.
ولفتت المصادر الى وجود تحدٍّ آخر في العلاقات الاميركية-السعودية يتعلق بإقفال ملف هجمات الحادي عشر من أيلول حيث ان 15 شخصا من الخاطفين الـ19 كانوا سعوديين، خصوصًا مع فشل الضغوط السعودية في منع تمرير قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" في العام الماضي، الامر الذي يعرض للخطر الأموال الرسمية السعودية في الولايات المتحدة الاميركية.
وبانتظار معرفة نتائج هذه الزيارة وتأثيرها على العلاقات بين الرياض والإدارة الجديدة فهناك اجماع غربي وعربي على انها سمحت للتعارف بين المسؤولين في الدولتين، بانتظار التأكد من هرميّة السلطة في الرياض، ومن مواقف ترامب التي غالبا ما تتبدل، والدليل الواضح على ذلك هو تجميد الوعد الذي كان قد قطعه خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس.