اشار المدعي العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي الى ان القضاة في حالة الدفاع المشروع عن النفس، واكد ان اعتكاف القضاة جاء نتيجة محاولة السلطة السياسية اقتطاع مكتسباتهم التي هي حق طبيعي لهم فهم لم يطالبوا بأي منفعة جديدة لا بل "يعضون على الجرح" فأين هي المكاسب التي تفيض على القضاة؟
ولفت القاضي ماضي لـ"الديار" الى ان "صندوق التعاضد" الخاص بالقضاة هو ملكهم لان المقتطعات الشهرية من رواتب القضاة هي التي تمول 90% منه وتبقى مساهمة بسيطة من الدولة اللبنانية فلا يجوز المس بها ولا سيما وان المجلس الدستوري اصدر قراراً في العام 1999 اعتبر فيه ان كل منفعة يحصل عليها الموظف هي حق مكتسب له وبالتالي لا يجوز نزعها منه لا بقانون ولا بقرار او مرسوم. وتساءل هل المطلوب ان يكون القاضي منشغلا بهموم استمرار عائلته وهو الذي يحمل كماً من القضايا والملفات فكيف له ان يتمتع بصفاء ذهني لإحقاق الحق وحل الخلافات بين المواطنين وكيف يستطيع تحقيق الاستقلال المعنوي ان لم يتمتع بالاستقلال المادي.
البعض يرى، وفق القاضي ماضي، ان هناك نوعاً من الاهمال لدى بعض القضاة ولكن هذا الامر لا يعني شمول الجميع فاذا اخطأ طبيب لا نلغي مهنة الطب وكذلك بالنسبة لمهنة المحاماة لا يمكن محاسبة الجميع على خطأ ارتكبه زميلهم في المهنة، مع التشديد على ان القاضي ليس موظفاً وهو امر لا نقصد فيه الذم بل الاضاءة على اهمية ما تقوم به السلطة القضائية التي تحل النزاعات وهي لا ترتبط بساعات عمل معينة، فالموظف في القطاع العام ينتهي عمله بانتهاء الدوام الرسمي وهذا الامر لا يمكن تطبيقه على القاضي لا سيما اثناء انعقاد جلسات المحاكمة التي قد تتعدى التوقيت الرسمي، كما ان القاضي يتابع عمله في المنزل وهو امر كان يحصل معه شخصياً حيث يجتمع مع القضاة للمذاكرة في منزله فضلاً عن انه لا يتقاضى عليها اي مدخول اضافي.
واكد ماضي ان المدعي العام لا يمكنه التحجج بانتهاء دوامه لا سيما في حال ارتكب احدهم جريمة في منتصف الليل حيث يقصد القاضي مكان حصول الجريمة في ظروف مختلفة قد تكون امنية او طبيعية ويضطر الى البقاء في مكتبه لاكثر من 24 ساعة لمتابعة حيثيات الجريمة وملاحقة الامور في المخافر، وكذلك الامر بالنسبة لقضاة العجلة الذين يتلقون الاتصالات في اوقات مختلفة، وحتى بعد منتصف الليل والذين يطلب منهم اتخاذ اجراء ما في ضد باخرة مثلاً لناحية منعها من مغادرة المرفأ اللبناني وهو امر لا يحتمل الانتظار.
وقد شدد القاضي ماضي على ضرورة العمل على استقلالية القاضي والحفاظ على مكاسبه لكي يتفرغ لمعالجة الملفات التي يحاسب عليها لناحية المعالجة وليس لناحية الوقت التي ينجزها فيه ولان القضاء العادل والمستقل معنوياً ومادياً هو اساس العدالة لا بد من العودة الى ما قاله ونستن تشرشل عندما سئل عن حالة لندن رد بسؤال عن القضاء ان كان بخير ولما جاءته الاجابة "انه بخير" رد اذن لندن بخير.