بدأت ملامح تظهير قانون انتخابي جديد. إشارات زرقاء وبرتقالية بثت أمس أوحت أنّ الصيغة الانتخابية على الأبواب.

أكد رئيس الحكومة سعد الحريري الجدّية في التوصل لقانون جديد سواء المختلط أو غيره بما يوفر مباركة القوى السياسية كلها بما فيها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. شدّد وزير الداخلية نهاد المشنوق على أن "لا انتخابات من دون قانون جديد، وأنه بات من غير الممكن إلا وأن تكون النسبية حاضرة، فهي باتت حقيقة، مثلها مثل التأجيل التقني والقانون الجديد".

عقد أول أمس اجتماع رباعي ضمّ إلى الممثلين السياسيين لكل من التيار الوطني الحرّ وحزب الله وتيار المستقبل وحركة أمل، المستشارين التقنيين للقوى الأربعة.

استغرق النقاش الانتخابي وقتاً طويلاً، إذ جرى الخوض في تفاصيل كثيرة. شكّلت صيغة وزير الخارجية جبران باسيل المختلطة محور البحث بالإضافة إلى طرح النسبية الكاملة.

تركّزت النقاشات حصراً حول حجم الدوائر وطبيعة الصوت التفضيلي وحدوده. لم تفض إلى نتيجة، لكنها فتحت الآفاق أمام بعض المخارج التي تتمّ دراستها.

أبقت "الرباعية" اجتماعاتها مفتوحة مع سقوط المهلة الأخيرة لدعوة الهيئات الناخبة ودخول البلد في مرحلة حرجة.

تجري المشاورات الانتخابية على قدم وساق. يتعاطى المعنيون على قاعدة التعجيل في حسم المواقف، مع الإشارة إلى أنّ صيغة باسيل المختلطة تقوم على انتخاب 59 نائباً وفق النظام النسبي، و69 نائباً وفق النظام الأكثري.

تقسم الصيغة البرتقالية لبنان إلى 14 دائرة في الأكثري وتستند إلى الاقتراع الطائفي. في حين أنها تقيّد الصوت التفضيلي في القضاء، ولا تحدّد بصورة نهائية حجم الدائرة على المستوى النسبي.

لدى كلّ الأفرقاء ملاحظات على الصيغة العونية، ما استدعى الغوص في التفاصيل. وعلم أنّ لقاءات ستعقد بشكل متواصل لإيجاد مخارج لنقاط الاختلاف، علماً أنّ النقاش في صيغة الوزير باسيل لا يعني إقفال الباب أمام الصيغ الأخرى لا سيما النسبية الكاملة.

تؤكد مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ"البناء" أنّ النقاش الدائر جديٌّ ويركّز على فصل عناصر الاختلاف عن عناصر التفاهم ومحاولة تضييقها إلى الحدّ الأدنى، مشيرة إلى أنّ المفاوضات أحرزت تقدّماً، وسنكون من الآن حتى الأسبوع المقبل أمام تطور كبير.

يعتمد حزب الله دبلوماسية الصمت الإيجابي. لا يضع ملاحظاته حول الصيغة الباسيلية أمام الإعلام. لكن وفق بعض الخبراء التقنيين، حزب الله غير المتحمّس لـ"الارثوذكسي" أسوة بحركة أمل، أبدى ملاحظات حول الصوت التفضيلي المقيّد بالقضاء، ورفض تقسيمات بعض الدوائر على غرار دائرة "الهلال المسيحي" البترون – الكورة - بشري ـ زغرتا. فهذه الدائرة وفق التقسيم المعتمد من شأنها محاصرة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في الجانب المتعلّق بالأكثري.

أما تيار المستقبل فتجزم مصادره لـ"البناء" الرفض المطلق للجزء المتعلق بالانتخاب وفق الطائفة في دوائر الأكثري، فتطعيم الصيغة بـ ما يشبه "الارثوذكسي المذهبي" ضربة قاضية لأيّ قانون انتخابي. وبحسب المصادر نفسها، لم يطب للقوى السياسية كلها إضفاء رئيس التيار الوطني الحر، نكهة الاقتراح المقدّم من النائبين ألان عون ونعمة الله أبي نصر، على ما طرحه. لكنها في الوقت نفسه لم تعلّق الاتصالات الدائرة، فهي تناقش لإبداء الإيجابيات لا أكثر ولا أقلّ، لا سيما أنّ عوائق كثيرة تقف سداً منيعاً أمام إقرار أيّ قانون جديد.

لا يمكن لصيغة باسيل أن تعيش. هذا ما تقوله مصادر "المستقبل". هذه الصيغة ستسقط لا محالة. إبداء الأطراف كافة، الإيجابية، هو للإيحاء أنهم لا يعوقون إنتاج قانون انتخاب. لكن الثابت الوحيد أنّ الكلّ دون استثناء يعيش حالة انتظار وترقب لحدث معيّن إقليمي ودولي يدفع نحو تسويات جديدة بناء على موازين قوى جديدة.

تغرّد المصادر نفسها، خارج سرب الحريري والمشنوق. تشير إلى أنّ الانتخابات ستجري وفق القانون النافذ، وأن ليس هناك من تمديد تقني بل تمديد إلزامي تجنّباً للفراغ.

في خضم الضبابية الانتخابية، من الصعب وفق قطب بارز لـ"البناء" تمرير أيّ مختلط. الدفع سيكون نحو اعتماد النسبية الشاملة. النسبية هي الفيصل لحسم كلّ الخلافات وإقفال البازارات وعمليات الالتفاف والتسويف.