بعد فشل الدولة في تأمين خدمة الكهرباء للمواطنين، انتشرت ظاهرة المولدات حتى بات أصحابها اليوم يشكّلون سدًّا منيعا بوجه كل مشاريع تحسين الكهرباء، نظرا للأرباح الضخمة التي تأتيهم من هذا القطاع.
ازاء هذا الواقع، قرر أحد أبناء منطقة بطشاي وضع مولد كهربائي جديد بالمنطقة، وحدد التسعيرة على كل 5 أمبير بثلاثين ألف ليرة لبنانية، حسبما يروي طوني (اسم مستعار) وهو أحد سكان المنطقة في قضاء بعبدا للـ"النشرة"، ويضيف "في السابق كان هناك احتكار لاشتراكات الكهرباء، وتسعيرة المولّد القديم كانت مرتفعة، اضافة الى ان كهرباء هذا المولد غير جيدة، ما أدى الى احتراق آلات كهربائية عدة في منزلنا".
يشير طوني الى انه عند موعد جباية الاموال المتوجبة على المشتركين في المولد الكهربائي الجديد، تفاجأنا بالارتفاع الكبير في السعر (من30 الف ليرة الى 65 الف ليرة)، فبرر لنا صاحب المولد أن البلدية أرسلت له إنذارا تطلب منه رفع التسعيرة الى 65 الف ليرة لبنانية، ويلفت الى ان صاحب المولد ابلغنا انه سيتقدم بشكوى لدى المحافظ.
اذا نحن امام بلدية قررت في سابقة غريبة "محاسبة" من يخفّض سعر اشتراك الكهرباء، وفي هذا السياق يوضح رئيس هذه البلدية ميشال خوري، في حديث لـ"النشرة" انه في منطقة بطشاي يوجد 3 مولدات كهربائية خاصة، والدولة تضع التسعيرة كل آخر شهر وفق عدد ساعات التقنين، لافتا الى وجود مراقب للاسعار من محافظة جبل لبنان"، ويشير الى ان هناك أناس تخالف من أجل المضاربة، وهذا يؤدي الى "خراب بيوت" في المنطقة، مشددا على ان تخفيض سعر الفاتورة لأحد المولدات هو مضاربة غير شرعية وتعني وجود غشّ ما، وربما يكون قد وضع الكبريت في المازوت. ويؤكد خوري ان بلدية بطشاي وجّهت انذارات الى اصحاب المولدات الكهربائية الثلاثة ومن لا يلتزم بالتسعيرة ستتخذ اجراءات بحقه.
بدورها، أوضحت مصادر في وزارة الطاقة أن "الوزارة تصدر تعميمًا شهريًا للبلديات حول قيمة تعرفة الاشتراك بالمولدات"، لافتة إلى أن "هذه التعرفة تختلف من بلدية إلى أخرى حسب ساعات انقطاع الكهرباء والبلدة"، ومؤكدة أن "السعر الذي تعطيه هو الأقصى ويحق لأصحاب المولدات اعطاء أسعار أقل من هذه التعرفة ضمن المنافسة المشروعة ووفق ساعات انقطاع التيّار".
وفي موازاة ذلك، يؤكد مصدر مسؤول في مكتب محافظ جبل لبنان فؤاد فليفل عبر "النشرة"، ان "مصلحة حماية المستهلك هي التي تنظر في الامر وفي الاسعار"، داعيا المواطنين الى التواصل معها للبتّ بأي مشكلة ومعالجتها على الرقم 1739.
بظل احتكار أصحاب المولدات لخدمة الكهرباء، وتنصيب انفسهم امراء احياء وقرى، يأتي قرار رئيس بلدية بطشاي كصاعقة على الناس الذين يبحثون عن طرف خيط لتوفير المال في ظل الازمة الاقتصادية والمعيشية التي تخيّم عليهم. المواطن اذا يعاني من غياب خدمة الكهرباء عنه بكلفة منطقيّة، فلم يتمّ منعه من الحصول على خدمة الاشتراكات الخاصّة بكلفة مقبولة، تحت حجة "المنافسة المشروعة"؟