إنّ معركة الحفاظ على حقّ لبنان في الثروة النفطية والغازيّة هي بالأساس معركة للحفاظ على السيادة اللبنانيّة، وفي هذا المجال نعترف لدولة الرئيس نبيه برّي بموقفه الريادي دفاعاً عن حقّ لبنان في ملكيّة الثروة التي تزخر بها مياه لبنان وأراضيه. فهو أبلغ المسؤولين الأميركيّين النفطيين الذين زاروا لبنان مراراً أنّ الدولة اللبنانية لن تتهاون في الدفاع عن حقوقها في هذا المجال، خصوصاً أنّ العدو «الإسرائيلي» يلجأ إلى واشنطن للضغط على لبنان لعدم التنقيب عن النفط.
لقد ذكر موقع «غلوبس» الصهيوني أنّ «إسرائيل» قد توجّهت إلى الأمم المتحدة بهدف الضغط على لبنان لتغيير العطاءات التي يخطّط لها للبحث عن الغاز والنفط في مياهه الإقليمية في خمسة بلوكات بحرية، خصوصاً أنّ ثلاثة بلوكات منها تقع على الحدود. في حين قدّمت وزارة القضاء الصهيونية اقتراح قانون المناطق البحرية للكيان الصهيوني ومن ضمنها المنطقة المشتركة بين لبنان وفلسطين المحتلة.
إنّ المعركة بين الدولة اللبنانية والكيان الصهيوني معركة كبيرة، فهي معركة سيادة. فإمّا أن يربح لبنان الرّهان، وإمّا أن يخسر هذا الرهان. لذلك لا بدّ أن تتضافر الجهود من قِبل الجميع في المجلس النيابي وفي الحكومة. فهذا الحلم النفطي لم يكن متوقّعاً. وهو سوف يُخرج لبنان من أزماته الاقتصادية المتلاحقة منذ سنوات طويلة.
إنّ التنقيب عن النفط ومن ثمّ استخراجه سوف يفسحان في المجال أمام عدد كبير من شركات النفط العالميّة للقدوم إلى لبنان والعمل في أملاكه البحرية والبريّة. هذا، وقد أعلن إلى حدّ الآن عن وجود النفط في المياه البحرية اللبنانية، لكنّه لا بدّ من الإشارة إلى محاولات عدّة جرت لاستخراج النفط من الأراضي اللبنانية في البقاع الغربي وفي البقاع الشمالي، في أرض القاع خاصةّ في منطقة وادي الخنزير. وقد توقّفت هذه العملية في الخمسينيات لأنّ سعر النفط لم يكن ليقدّم الأرباح المرجوّة آنذاك. أمّا في المرحلة الرّاهنة، فإنّ استخراج النفط من البرّ والبحر أمر مفيد للدولة اللبنانية في الأحوال كلّها. هذا يعني بأنّ العملية يجب أن تبتدئ في البر والبحر على السواء. وهذه العملية الكبيرة سوف تحوّل لبنان من بلد سياحي، بلد للخدمات فقط، إلى بلد منتج للنفط والغاز قادر على مواجهة أزماته الاقتصادية المستشرية.
في هذا المجال، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الحكومة اللبنانية التي أطلقت عمليات التنقيب والاستكشاف قد بدأت العمل في سياق استكمال العمليّة النفطية من الاستكشاف إلى المبادرة للترخيص للشركات العالمية، وإلى الآن هناك أكثر من أربعين شركة عالمية قد تقدّمت بطلبات للعمل في الحقل النفطي بحسب تصريحات وزير الطاقة.
كلّ هذه الشركات، بمحاولتها المساهمة بالعملية النفطية، تقدّم صورة عن استقرار لبنان. وهذا الاستقرار الاقتصادي والأمني يعزّز صورة العهد الجديد الذي بدأ بانتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون. إلا أنّ هذا الاستقرار يبقى مهدّداً من العدو «الإسرائيلي»، وهذا التهديد لن يرعويَ إلا بفعل المقاومة.
لن يحمي لبنان وموارده الغازيّة والنفطيّة إلا قوة المقاومة، فالمقاومة وحدها هي التي تصون لبنان الآن. وقد أتت تصريحات فخامة الرئيس ميشال عون مؤخراً لتثبت بأنّ لبنان بمقاومته وجيشه قادر أن يصون مستقبله الاقتصادي والأمني والاجتماعي.
لذلك فإنّ اللبنانيّين الآن ينتظرون جميعاً الموقف الذي سوف يعلنه فخامة الرئيس في القمة العربية التي سوف تُعقد قريباً في الأردن، فالموقف السياسي متلازم مع الموقف الاقتصادي، فهما مترابطان ترابطاً وثيقاً من أجل مصلحة لبنان.
إنّ هذه الآراء ليست للتفاؤل فحسب، بل هي حقيقة بدأ لبنان يأتي إليها بمواقف صارمة وصريحة من قبل العهد الذي بدأ بالتصدّي للفساد والرشوة والانهيار. إنّ لبنان بهذه المواقف الصريحة يستطيع من الآن فصاعداً أن ينهض بقوّة من أزماته المتلاحقة، والولوج إلى حياة سياسية جديدة تبتدئ بوضع قانون جديد للانتخابات النيابية يقوم على اعتماد مبدأ النسبية ولبنان دائرة انتخابيّة واحدة خارج القيد الطائفي. بذلك كلّه ينهض لبنان من أزماته الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، بذلك نكون قد بدأنا فعلاً بالخروج من حالة الحرب ودخلنا في حالة الاستقرار والمنعة.