لفت متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران كيرلس سليم بسترس في كلمة له خلال ندوة بعنوان "معا نواجه الارهاب التكفيري" نظمها مركز الدراسات والابحاث الانتروستراتيجية إلى ان "الارهاب التكفيري يدخل في دائرة الدين، وجذوره هي جذور دينية، لذلك لا بد لنا من السؤال، هل يتضمن الدين ما يدعو الى الارهاب؟ للاجابة عن هذا السؤال لا بد من تحديد الدين، الدين في أصله هو التعبير البشري عن علاقة الانسان بالله، وعن الطريق التي يسلكها الانسان للوصول الى الله. لذلك لا علاقة للدين في الأصل بالإرهاب. لكن هناك تفسير إرهابي للدينـ فاذا اعتبر أتباع اي دين انهم وحدهم مالكو الحقيقة، وان الله قد أوكلهم بان يزيلوا من العالم كل كفر وكل ضلال، حينئذ يصير الدين سببا في نشأة الإرهاب التكفيري. فالكافر، في نظر هؤلاء، لا حق له بالحياة".
وأشار إلى أن "تاريخ الاديان التوحيدية القديم، أعني اليهودية والمسيحية والاسلام، مليء بأحداث من هذا النوع، حيث أبيدت جماعات برمتها بسبب كفرها او ضلالها، منذ احتلال اليهود لأرض الكنعانيين حيث أبادوا كل السكان الأصليين بحجة ان هؤلاء السكان هم عابدو أصنام، وبالتالي نجسون، ولا يجوز ان تبقى نجاسة في أرض القداسة، الى محاكم التفتيش في القرون الوسطى في الغرب المسيحي، حيث كان يسجن ويقتل كل أصحاب البدع والهرطقات، الى الفتوحات الاسلامية حيث كان يقتل المشركون اذا رفضوا اعتناق الاسلام، استنادا الى بعض النصوص القرآنية كالآيتين التاليتين اللتين وردتا في سورة التوبة: الآية5: فاذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، والآية 29: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرمه الله ولا يدينون بدين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. فالارهاب التكفيري يقرأ اليوم هذه النصوص قراءة حرفية، بدل ان يقرأها ويفسرها في سياقها التاريخي، الذي هو سياق حروب وفتوحات وغزوات. وأفصح مثال عن ذلك ما قامت به الدولة الاسلامية "داعش"، التي لدى احتلالها الموصل وسهل نينوى في العراق، راحت تقتل اليزيديين على أساس انهم مشركون، وتخير المسيحيين "اهل الكتاب" بين الإرتداد الى الاسلام او الهجرة او دفع الجزية. وهكذا عادت الى زمن الغزوات. وكذلك عندما هاجمت القاعدة برجي نيويورك في 11/9/2001، دعت هجومها: غزوة نيويورك".
وأضاف "أنني أود الكلام بكل صراحة على نوع آخر من الارهاب، في معظم الدول الاسلامية، وهو يقوم على تهديد اي مسلم بالقتل ان ارتد الى دين آخر، وذلك استنادا الى قراءة حرفية للحديث المشهور: من ارتد منكم عن دينه فاقتلوه. في حين ان هذا الحديث تجب قراءته في سياقه التاريخي، أي في أثناء الحروب بين المسلمين وأعدائهم. فالمرتد عن دينه كان يعد مرتدا الى مخيم العدو، فيقتل ليس بسبب تغيير دينه بل بسبب خيانة أمته. أما في الدين فيجب تطبيق النص القرآني الواضح: لا إكراه في الدين، وهذا النص يجب ان يكون أساس الحرية الدينية وحرية المعتقد في كل البلدان. فما الداعي اليوم الى الحكم بالموت على من يرتد عن دينه الى دين آخر اذا رأى بموجب ضميره ان هذا الدين الآخر يقربه الى الله أكثر من الدين الذي ورثه من أجداده. لذلك، فالقضاء على الارهاب التكفيري يجب ان يتخذ وجهين: وجها عسكريا بمحاربته، ووجها دينيا بإعادة تفسير النصوص الدينية تفسيرا يتلاءم مع شرعة حقوق الانسان العالمية، التي تدعو الى حرية الدين وحرية المعتقد ونأسف بان تكون معظم الدول الاسلامية لم تقبل بكل بنود شرعة حقوق الانسان العالمية، اذ رأت في الدعوة الى حرية المعتقد ما يناقض الشريعة الاسلامية. ولكن من ناحية ثانية ما يدعو الى الرجاء هو التيارات الجديدة في الاسلام الذي يدعى اليوم "الاسلام المعتدل". وهذا ما ظهر في مؤتمر الأديان العالمي في الازهر في مصر الشهر الفائت، الذي دعا الى حرية المعتقد من خلال التركيز على المواطنة، أي على المساواة بين جميع المواطنين مهما كان دينهم او مذهبهم".