لفت مستشار وزير الاعلام ملحم الرياشي اندريه قصاص، الى أن "ما بين الواقع الذي يعيشه الإعلام اليوم وما يواجهه من تحديات صلة وثيقة تحتم على جميع المعنيين التعاون الجدي للتخفيف من وطأة هذه التحديات، ولكي تستطيع المؤسسات الإعلامية، المكتوب منها والمرئي والمسموع وحتى الالكتروني، الإستمرار في تأدية رسالتها. وهذا ما يعمل عليه الوزير الرياشي، وهو الحريص على أن يكون للاعلام اللبناني دور ريادي في نشر ثقافة الحوار والإنفتاح والتواصل في مناخ من الحرية المسؤولة".
وخلال تمثيله الرياشي في المؤتمر الدولي الاول لقسم الاعلام بعنوان "الاعلام : الواقع والتحديات"، في جامعة بيروت العربية أوضح أن "الرياشي منذ اليوم الأول لتسلمه مهماته الوزارية، ومنذ أن كانت فكرة تحويل وزارة الإعلام إلى وزارة للحوار والتواصل، كثرت التساؤلات وعلامات الإستفهام عن جدوى هذه الخطوة وأهدافها، وعن الدور المتوقع لهذه الوزارة في التقريب بين وجهات النظر ومحاولة كسر الحواجز بين الناس ووصل ما انقطع بينهم، إقتناعا منه بأهمية الحوار الذي هو عملية يومية لا يتوقف نبضها ما دام في الارض سعي إلى وصل ما انقطع من خيوط بين الناس، وهذا الحوار منوطة نجاحاته بمدى ما يمكن أن يقوم به الإعلام من أدوار إيجابية من شأنها أن تقرب المسافات بين المختلفين".
وأشار الى أن "وزارة الإعلام بدأت من خلال مختلف وحداتها، سلسلة من المؤتمرات الهادفة إلى القاء الضوء على أهمية ما يمكن أن تؤول إليه الأمور إذا كان هم الجميع فعلا التوصل إلى قواسم مشتركة حول ما يجمع بينهم، وهي أكثر بكثير من نقاط التباعد والتنافر. فبالحوار والتواصل وحدهما يمكن الوصول إلى نقطة اللاعودة، ومنها ينطلق الجميع للتأسيس لمستقبل لا يشوبه زغل ولا تعكر صفوه عقد الماضي، وما فيه من تراكمات وخلافات جلها مصطنع"، مشددا على أن "الحوار سمة من سمات الإستمرارية، ولأنه همزة الوصل بين الحضارات، وبين الماضي والحاضر والمستقبل، فإن وزارة الإعلام، الآيلة حتما إلى وزارة الحوار والتواصل، لن تتوقف عند حدود التيئيس والإحباط، بل لدى القيمين عليها، وعلى رأسهم معالي الوزير من قوة الإرادة ما يدفعهم إلى تخطي الصعوبات وإلى مواجهة التحديات، لنصل في النهاية إلى ترسيخ اقتناعاتنا بحتمية عيشنا مع بعضنا البعض بسلام دائم، وفي ظل دولة القانون والمؤسسات والعدالة والتنوع والفرادة".
أضاف: "حتى الأمس القريب كان حوار المتخاصمين يقتصر على التبادل السلبي لأفكار معلبة ومسبقة، وغالبا ما كان الفشل هو النتيجة شبه الوحيدة لأي طاولة حوار، ذلك أن الحوار الناجح يفترض أن يتنازل كل طرف للآخر عن بعض ما يعتقده عن خطأ أو جهل صوابا، وأن يقبل بما يعرف بأنصاف الحلول أو التسويات، التي لا تمس الجوهر. وهذا الأمر يتطلب شجاعة في تقبل الآخر المختلف، والإقتناع بالمستطاع المسبوق عادة بالمستحيلات. بهذه الطريقة فقط يعم السلام بين الشجعان، وتتم مصالحات تترجم واقعا وتبدأ مرحلة جديدة من التأقلم معه".
من جهته، رأى الامين العام للمؤتمر الدكتور جمال مجاهد أن "الاعلام قاطرة لتنمية الدول، وبخاصة دول العالم الثالث. في اميركا، يحكم الرئيس اربع سنوات، بينما تحكم الصحافة الى الابد. ما زلت مؤمنا بأننا اذا اردنا تغيير العالم، فالصحافة سلاح فوري وسريع. الصحافة الحرة تقول للحاكم ما يريده الشعب، ولا تقول للشعب ما يريده الحاكم. اذا كان العلماء يقولون ان الانسان هو ابن بيئته، فاننا بدورنا نقول الانسان ابن وسائل اعلامية"، مشيرا الى أن "وسائل الاعلام تعبر الحدود من دون مبالاة. من يسيطر على الاعلام، يسيطر على العقول".
ولفت الى "اننا نبحث عن إعلام يتمتع بكامل حريته، وفي الوقت نفسه، يتحلى بالمسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعه، نتحدث عن إعلام يقدر القيم والاخلاقيات الاصيلة للمجتمع. عن إعلام يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، ينتقد ولا يحرج.إعلام ينمي وعي المواطنين، ويرتقي بتفكيرهم ، بدلا من اعلام يشيع الرذيلة ويسطح العقول.نريد إعلاما يتصف باللامركزية، ويهتم بكل المناطق، كما يهتم بالعاصمة.نريد إعلاما يكون لسان حال لكل فئات المجتمع بغض النظر عن الوضع الاجتماعي او الاقتصادي او الوظيفي، فلا تكون هناك فئات مهمشة في مجتمعنا لا حظوظ لها في الاعلام.نريد إعلاما ينمي وعي الجمهور في كل مناح الحياة الاجتماعية والصحية والدينية والبيئية ولا يقتصر على النواحي السياسية والفنية فحسب"، مؤكدا "أننا نريد اعلاما تظل الحقيقة فيه قائمة، ولا يمحو ما ينتجه الاخرون. واخيرا، نريد إعلاما ايجابيا يبرز الايجابيات كما يبحث في السلبيات".
بدورها، لفتت عميدة كلية العلوم الانسانية في الجامعة الدكتورة مايسة النيال، الى أن "ما من شك في ان الاعلام يعد من اهم ركائز اي مجتمع، اذ يتم الاعتماد عليه في تشكيل رأي عام تجاه قضايا مجتمعية كثيرة منها التنمية والتعليم، والسياسة الخارجية والصحة والعلاقات الاجتماعية والثقافية، وهو الذي يسهم في رسم الصورة الذهنية للمجتمع من الداخل والخارج او تحسينها او تشويهها، فلا يخفى علينا جميعا ان للاعلام دورا مهما سواء أكان جديدا او تقليديا، في ترسيخ السلم واقرار الامن والاستقرار، في مواجهة الاخطار التي تحيط بنا، وفي تحقيق الوئام ودفع حركة التقدم والازدهار".
ورأت أن "العالم يشهد تحولات كثيرة على الصعد كافة، الامر الذي يستدعي وجود حركة اعلامية نشطة قادرة على استيعاب تلك التحولات وفق اسس وآليات مهنية عالية الجودة لنقل المعاني والاخبار بحياد وموضوعية، متحلية في ذلك بأخلاقيات المهنة التي لا تحمل التزييف او طمس الحقائق"، موضحة أن "همنا المشترك هو البحث في واقع الاعلام، ومحاولة الوصول الى الاستراتيجيات المناسبة لمواجهة التحديات، وسط سيل من المعلومات المتعددة الالوان، والملتزمة الاتجاهات والشديدة التأثير، من خلال جهود بحثية صنفت في خمسة محاور، فتناول المحور الاول بحوثا عالجت العلاقة بين الاعلام والعلوم الانسانية، بينما خصص المحور الثاني للبحوث التي حددت الادوار الثقافية للاعلام، وجاء المحور الثالث للدراسات التي ركزت على ملكية وسائل الاعلام، فضلا عن بحوث المحور الرابع الذي اماط اللثام عن الاعلام في ظل التحولات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية. اما المحور الخامس فتناول بحوث الرؤية المستقبلية للاعلام التقليدي والجديد".
أما رئيس جامعة بيروت العربية الدكتور عمرو جلال العدوي، فاعتبر "أننا نعيش اليوم عصر وسائل الإعلام الجماهيرية، وأحد معالم ذلك العصر الاعتماد المتزايد من الجماهير على تلك الوسائل، فباتت وسائل الإعلام ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية. لقد زاد اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام لتلبية الكثير من حاجاتهم، وإشباع رغباتهم. وتضاعف الوقت الذي يخصصه الفرد للتعامل مع نتاج هذه الوسائل حتى أصبحت في عصرنا الحالي جزءا من حياة المواطن أيا كانت ميوله وانتماءاته، أو قدراته، أو مستواه الاقتصادي والاجتماعي. ومن هنا وجب تطوير آليات التعامل مع وسائل الإعلام، وخصوصا في ضوء الأهمية المتزايدة للاعلام في تشكيل وجدان الجماهير، وتحديد أولويات اهتمامات المجتمع، إذ غالبا ما تحظى القضايا العامة باهتمام أكثر إذا ما ألقت وسائل الإعلام الضوء عليها. ولا يفوتنا أن نؤكد عضرورة التزام وسائل الإعلام الضوابط المهنية والأخلاقية في كل ما تقدمه الى الجمهور".
وأشار الى أن "كلية العلوم الإنسانية اعتادت في السنوات الثلاث الأخيرة عقد مؤتمر دولي في أحد تخصصاتها، فكان نتاجنا هذا العام مؤتمرا علميا في مجال الإعلام وتخصصاته الفرعية والبينية، يحمل عنوان "الإعلام: الواقع والتحديات". فلا شك أن تعدد وسائل الإعلام لازمها تعدد في المواد الإعلامية، فتفاوتت قيمة هذه المواد الإعلامية بين الغث والثمين، وبين الإيجاب والسلب، وبين الهدم والبناء، فلزم أن يكون هناك وقفات بحثية في سبيل سبر أغوار تلك الوسائل، ومعرفة فحوى المادة التي يتم بثها، والتحقق من تأثيرها، فضلا عن تحديد أهدافها".
وأكد أن "أفضل وسيلة لإماطة اللثام عن الظواهر المؤثرة في المجتمع هي البحث العلمي الذي يعد أحد أبرز اهتمامات جامعة بيروت العربية، للافادة من نتائجه، وتحويلها إلى سياسات تخدم المجتمع اللبناني والعربي على حد سواء، بل إن البحث العلمي أحد أهم مكونات استراتيجية الجامعة التي تسعى إلى الارتقاء به للوصول إلى أعلى مستوى. لذا، يحدوني الأمل إلى أن تكون مخرجات بحوث هذا المؤتمر مفيدة للوصول إلى حلول جادة لكل ما يعتري الإعلام العربي من مشكلات".
ثم عقدت الجلسة الاولى بعنوان: "الاعلام، الواقع والمأمول" وتحدث فيها كل من: رئيس تحرير صحيفة "النشرة الالكترونية" جوزيف سمعان، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان، رئيس تحرير جريدة "اللواء" صلاح سلام، مدير اذاعة "صوت لبنان" - الاشرفية اسعد مارون، رئيس تحرير الاخبار في تلفزيون "أل.بي.سي" جان فغالي.