في خطوة لافتة ومتوقّعة ولو أنها جاءت متأخّرة، كان اصطحاب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لرئيس الحكومة سعد الحريري من الأردن بطائرته الى المملكة بعد انتهاء اجتماعات الجامعة العربيّة، ليقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر.
في هذا السياق، أشار مصدر سعودي رفيع لـ"النشرة" الى ان الحديث عن حالة وليدة اللحظة فيما يخص مرافقة الحريري للملك سلمان بن عبد العزيز من عمّان الى الرياض أمر لا يستقيم، ولفت الى أن لا شيء وليد الصدفة، وأكّد أن الخطوة الملكية تجاه رئيس الحكومة كانت مدروسة، بالتوقيت والشكل والمضمون، ومعروفة سابقا. وأضاف المصدر، أنّه بعد إسقاط حكومة الحريري وحصول الفراغ الرئاسي، وبعد الخطوات الكبيرة التي أقدم عليها الحريري، وما رافقها من شائعات وفبركات، صار استقباله بالرياض كرئيس للحكومة أمر يحتاج الى ترتيبات استثنائية، حيث لا تكفي الدعوة واستقباله ان يفي بالغرض. من هنا كان قرار الملك السعودي بأن يطير الحريري معه عبر الأجنحة الملكية، في رسائل متعددة وواضحة الى كل من يعنيه الامر، وخصوصا الى بعض خصوم السعوديّة ممن حاولوا ان يختلقوا اوهام التخلي او التباعد بين المملكة وحليفها الاستراتيجي، والرسالة موصولة الى كل من بنى على أوهام التمايز بين سياسة السعوديّة وسياسة رئيس الحكومة سعد الحريري. وأشار المصدر الى توجه الملك سلمان بالقول للحريري: نحن معك الى آخر الدرب.
ويؤكد المصدر ان المملكة أرسلت من الإشارات والمبعوثين والرسائل ما يكفي ويفيض ليفهم القاصي والداني عمق ومتانة العلاقة، والأهم التنسيق المتواصل مع الحريري على الرغم من بعض الحرتقات الّتي واجهته حتّى من ضمن تيّاره. وكان لا بد من خطوة استراتيجية حاسمة تعيد تأكيد المؤكد، لكي يعلم القريب قبل البعيد، حدود وخيوط الرؤية الاستراتيجية السعودية حيال لبنان. فلا عذر بعد اليوم لأي خطأ في التقدير او التحليل. أمّا عن سبب انتظار المملكة طيلة هذا الوقت أردف المصدر "ان بلاده لا تعمل تحت ضغط الشائعات والفبركات والأهواء الشخصية لبعض اصحاب المآرب، كما انها لم تعطِ يوما اي إشارة الى أي خلل في العلاقة مع زعيم المستقبل، بل على العكس كانت واضحة في كل ما يشير الى متانة العلاقة وعمقها". وذكّر في هذا الصدد بلقاءات الحريري والملك السعودي وكل القيادة السعوديّة. وأشار الى زيارات موفدي الملك التي كانت تستقر كلماتهم ومآدبهم في بيت الوسط. ولفت المصدر السعودي الرفيع عبر "النشرة" الى التأكيد على ارتياح المملكة لانتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون والحفاوة التي استقبل بها والتعاون الاستثنائي معه. مكررا ان تأجيل زيارة رئيس الحكومة كان لا بدّ أن يحصل ليحظى بهذا الاستقبال الملكي. وتابع المصدر السعودي "أمّا بالنسبة لاهتزاز علاقة الحريري مع ولي العهد الامير محمد بن نايف والأخبار المتداولة حيال هذا الأمر أكتفي بالقول ان المصافحة الحميمة بين الرجلين تؤكد ان ما يشاع مجرد أوهام".
وتطرّق المصدر السعودي الى الاجتماع الّذي حصل بين محمد بن سلمان والحريري ليشير الى انه كان متشعبا ودام 4 ساعات ونصف، تطرق الى نجاح التنسيق في المرحلة السابقة على المستوى اللبناني والعربي، وتم الاتفاق على خطوات سياسية سيتم العمل عليها قبل الانتخابات النيابية اللبنانية، من شأنها تعزيز وضع تيار المستقبل وحضوره اكثر فاكثر. كما جرى الاتفاق على ثلاثة مشاريع اقتصادية بالغة الأهمية بالنسبة للبنان، سيتم إنجازها في المديين القريب والمتوسط وستشكل علامة فارقة بالنسبة للوضع الاقتصادي اللبناني.وفيما يخص أزمة اوجيه اكتفى المصدر بالقول انها صارت خلفنا وما دار من حوار مع الحريري اكبر وأعمق واشمل والايام المقبلة ستكون مليئة بالمفاجآت، من دون أن يكشف عن نوعيتها او طبيعتها وتوقيتها.
وكما كان انكسار الفراغ الرئاسي مفاجئًا ليأتي بالعماد عون رئيسًا للجمهوريّة، ستتكشّف حتما الدلالات خلال الأشهر المقبلة عن مفاجأة الملك سلمان باصطحابه الحريري على متن طائرته الخاصة، ومدى أهميّة الحوار الّذي دار بينهما.