لا شك في أنّ اللحظة التي انعقدت فيها القمة العربية الأخيرة في الأردن مصيرية بامتياز. بمعنى أنّ الأحداث والتطوّرات التي تكتنفها يتوقف عليها مستقبل أهل هذه المنطقة ووجودهم. ولكن النتائج هي كالعادة مخيبة طالما أنّ الزعماء العرب يلتزمون بمصالح الأعداء أكثر من التزامهم بمصالح شعوبهم. ما ظهر بأس للعرب على مرّ السنين. القرارات التي أصدروها كانت تعكس عجزهم وفشلهم واستتباعهم للقوى الغربية وخوفهم منها. لم ينتصروا لدولة عربية. لم يوحّدوا عملة. لم يفتحوا الحدود ليدخل منها هواء الوحدة. لم يتعاونوا على بناء مدرسة في الصومال، والقضاء على مجاعة في السودان، ووقف دم في لبنان. لم يخططوا لمناورات عسكرية واحدة ترهب الأعداء. لم يبنوا مصانع يعمل بها العاطلون عن العمل وما أكثرهم.
لم يزرعوا حقولاً ليمنعوا الفقر. لم يستفيدوا من ماء الأنهر كي لا يعطش عربي. لم يجتمعوا لتحويل عائدات النفط لتنمية البلدان الفقيرة.
ما فعله الزعماء في قممهم هو تعزيز الانقسامات العربية أكثر فأكثر. تسعير الحروب. دعم الجماعات الإرهابية. تحويل النفط إلى عامل لإيقاظ الفتن وشراء الضمائر السياسية والاقتصادية والإعلامية والدينية. التآمر على المقاومتين اللبنانية والفلسطينية. تدمير سورية والعراق واليمن وليبيا. التخلّي عن فلسطين والتوجّه نحو تطبيع العلاقات مع الكيان «الإسرائيلي». هذه إنجازات العرب. إسقاط قيمة الإنسان وكرامته بالإفقار والتجويع والحرمان والاستبداد. قمم عربية كانت تفعل ما تطلبه «إسرائيل» وأميركا. لم تكن هذه القمم للوجود العربي والبقاء العربي والكرامة العربية والوحدة العربية والتمنية العربية.
لم تكن من أجل تحرير فلسطين وعودة اللاجئين. لم تكن من أجل حلّ الأزمة السورية ووقف النزيف في العراق ووقف التدمير في اليمن. قمم ليست للعرب بل لخراب العرب. هذه خلاصة سياسية ووجدانية لهذه القمم البائسة، التي جرّت ويلات على بلداننا وشعوبنا أكثر بكثير مما صنعته من آمال وتطلعات.
ربما كانت البارقة الوحيدة والضوء الوحيد في قمة الضمائر الميتة هي كلمة العماد عون المضيئة والحية. كانت كلمة للتاريخ، كلمة تحدّد المسؤوليات قبل أن يأتيّ الطوفان والخراب الأكبر…