ليس جديداً أنّ دولاً عديدة أثارت الموضوع الأمني، خصوصاً في المطار، مع المسؤولين اللبنانيين. وليس جديداً أن هؤلاء المسؤولين عملوا على تحسين هذا الوضع بحيث بدت التدابير المشدّدة في المطار ظاهرة للعيان. إلاّ أنّ الغربيين عموماً يطالبون بالمزيد. والإجتماع الأمني الموسّع الذي عقد، أمس، في القصر الجمهوري عرض لأمن المطار والمعابر كلها في إطار الوضع الأمني عموماً. وبدا أنّ الملفات تشعّبت فشملت، أيضاً، أوضاع المخيّمات، إن في عين الحلوة أو في محيط الضاحية الجنوبية، إضافة الى الأمن في البقاع، وكذلك السلاح الفردي المتفلت بين أيدي الناس والذي تسبّب بالكثير من الجرائم التي بلغت حدّ إقدام من يزعجه سائق سيارة مجاورة لسيارته على إطلاق النار عليه.
وكان واضحاً أنّ من الأسباب الموجبة للإجتماع الأمني كذلك ان لبنان على أبواب موسم اصطياف حافل بالسياح من مختلف الدول وبالذات من دول الخليج العربي الذين هم عماد الحركة السياحية... هذه الحركة التي وصلت الى أدنى الحدود، وربما الى الصفر، في غياب أهل الخليج.
أضف الى ذلك أنّ هذا الغياب السياحي الخليجي إنعكس سلبياً على الحركة العقارية وتحديداً على حركة مبيعات الشقق السكنية... خصوصاً وأن خليجيين كثراً تخلّوا عن شققهم... مع الإستدراك بأن هذه السلبية تباطأت بعد وصول الرئيس العماد ميشال عون الى سُدّة الرئاسة. بل إن تخلّي المواطنين الخليجيين عن شققهم توقف بشكل شبه كلّي في الشهرين الأخيرين، وإن لم يكن الطلب (من قبلهم) على شراء الشقق السكنية قد استعاد مستواه الطبيعي المعهود.
إذاً، ملفات أمنية عديدة كانت مطروحة على طاولة الإجتماع في القصر الرئاسي أمس. وبدا من أسماء الحضور، وبالذات مشاركة الرئيس سعد الحريري في الإجتماع ان لبنان قرّر أن يواجه التحدّي الأمني بمنهجية وجدية وبمسؤولية كاملة.
وكما قال وزير الداخلية والبلديات نهاد مشنوق فقد حرص الرئيس عون على الفرز بين الملفات المطروحة كافة، بحيث جرى تناول كل ملف على حدة... ومع أنه يتعذر الحصول على التفاصيل الكاملة والوافية لما دار في الإجتماع، ولكن الواضح أن ثمة تصميماً أكيداً على أن يكون لبنان واحة أمنية لمواطنيه وللمقيمين فيه ولقاصديه سياحاً ورجال أعمال، مع الأخذ بنقطتين في عين الإعتبار: الأولى أن الوضع الأمني في لبنان (على ما قد يرى فيه البعض من سلبيات) هو من الأفضل والأكثر تماسكاً بين دول المنطقة، وحتى قياساً الى أوروبا وأميركا بالرغم ممّا يوجد من عوامل ضاغطة أمنياً كالمخيمات من جهة، والنزوح السوري الكبير جداً من جهة ثانية، والجوار المشتعل من جهة ثالثة. والنقطة الثانية أنه يتعذر في المطلق ضبط الأمن مئة في المئة وبالذات بالنسبة الى الإرهاب الذي «يغزو» العالم كله بما فيه أعرق الدول وأكثرها إمكانات أمنية ضخمة ومتمكنة.
ولعل النقطة التي توصف بأنها «بيت القصيد» هي التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة. ولقد لمس الجميع أنه منذ تحقق حدّ لا بأس به من هذا التنسيق فالنتائج الإيجابية في الأمن الإستباقي ظهرت للعيان. فكيف إذا بلغ هذا التنسيق حده الأقصى على القواعد العلمية والمنهجية؟