باتت كرة القانون الإنتخابي الذي يتم اعداده في الملعب المشترك لكل من التيار الوطني الحر وحزب الله كحليفين استراتيجيين في خيارات متعدّدة ومن بينها القانون الانتخابي الجديد نظراً لمناداتهما باعتماد النسبية.
وبدا واضحاً بأنّ الصيغ الانتخابية التي طرحها في المرحلة الاخيرة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل كانت تلاقي الاعتراض المباشر من قبل حليفه حزب الله، حول موضوع كان مفترض أن يشكّل نقطة تلاقي وتفاهم سريع بينهما استناداً الى حسابات كل منهما فيما خصّ التمثيل الصحيح للمسيحيين من جانب التيار الوطني الحرّ وتحجيم عدد الكتل المواجهة في جانب حزب الله.
لكنّ الحسابات التي ينطلق منها باسيل كرئيس لتيار مؤسّسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو بتحقيق مكاسب لكل فريق بتوازن بحيث لا يرتد الامر سلباً على العهد بعدم إجراء الإنتخابات النيابية وفق قانون جديد على انقاض القانون الحالي، لانّ الاعتراضات ستؤدّي الى عدم التفاهم على صيغة،مما يعني ايضاً ان قوى سياسية سترفض القانون اذا لم يكن مطمئناً ومتوازناً، وعندها ستنتقل حالة الاعتراض من فريق الى فريق ويرتد ذلك على عهد عون ويضحي عليه تحمّل التداعيات السلبية لأي خيار لا يشجع كل القوى السياسية للتوافق على صيغة تدفعهم بحماس نحو الانخراط في العمليّة الانتخابية الدستورية.
ويشكّل رفض حزب الله لصيغ التي يقدّمها باسيل اعادة النقاش الى درجة الصفر رغم أنّه سمع ملاحظات متعددة من القيادات الحزبية الحليفة وآخرها من مساعد امين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أبان لقائه والنائب آلان عون معه في الضاحية.
إذ إنّ ملاحظات حزب الله وفق أوساط مطلعة على هذا الحراك سواء كانت واحدة أو إثنتين الا انها في النتيجة هي المحور الاساس لتحقيق حزب الله حساباته للحفاظ على حلفائه او إنجاح آخرين في عدة طوائف بما يمكّنه ان يحصد الغالبية في الانتخابات النيابية المقبلة.
ويسعى باسيل تتابع الاوساط، لصيغة انتخابية لا تهز الاستقرار السياسي في البلاد ولا تحمل قهراً لفريق يعيد الى الاذهان ما عاشته البيئة المسيحيّة زمن الوصاية السورية، ولذلك فإن المضي في طرحه والدفاع عنه لا يأتي من باب حماية اي قوى على خصام مع حزب الله، إنما من زاوية إنهاء هذا الملف الذي يشكّل مكسباً لعون في حال حصلت الانتخابات قبل الدخول في مرحلة الفوضى الدستورية والاجتهادات على خلفية تباين آراء حول ما يستتبع عدم توقيع رئيس الجمهورية على دعوة الهيئات الناخبة ومن ثم رفضه التمديد لمجلس النواب.
إلا أنّ حزب الله مصّر على الصيغة التي يجدها تشكّل حماية له من تأمين غالبية نيابية معززة بحلفاء له في عدّة مذاهب تصنّف غير متضامنة معه على ما هو الواقع عند السنّة والدروز.
وفي ظل غياب الدور الحكومي عن مهمة إعداد قانون انتخابي جديد ليصار الى درسه في مجلس النواب وإقراره بعد إحالته اليه، فإنّ الموضوع يبدو واضحا انّه على عاتق القوى السياسيّة التي يتجنب بعضها حرق أصابعه، وبات الامر بمثابة كرة في الملعب المشترك لكل من حزب الله والتيار الوطني الحرّ اللذين يريدان تسجيل الهدف إنما دون احتساب النقاط تحسبا من ردة فعل مزاجـية لدى قواعد التيار شبيهة بمرحلة قبيل انتخاب عون وما رافقها من شكوك حول مصداقية الدور الشيعي في هكذا تحالف استراتيجي.
وبات نوعا من الكلام الحساس يرافق ملف القانون طرحاً او اعتراضاً ويدور الكلام على مستوى قيادة التيار الوطني الحر بأنّ هذا الفريق المسيحي حافظ بصلابة على تأمين الغطاء للمقاومة وحزب الله مع ما تبع ذلك من حملات تخوين وتشكيك في الخيارات الوطنية لعون ومحاولات دولية لالغاء التفاهم بين التيار الوطني وبين حزب الله ، عليه من حقه ان يمتلك هامشاً في انتاج قانون انتخاب من باب التقدير للمواقف التي أعلنها عون وباتت أمانة لدى التيار الوطني الحر، في حين يجد حزب الله بأنّ هذا النوع من الكلام يحمل نوعاً من تجاوز التضحيات التي قدّمها ايضا حزب الله، بحيث لا يمكن على سبيل الواقع تجاوز ما قدّمه من دماء لكسب معركة حلب التي شكلت معبراً نهائياً لعون الى بعبدا وفي موازاة الموقف الثابت لامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لنا بتمسكه بدعم ترشيح عون لرئاسة الجمهورية.