يأتي مؤتمر النازحين في بروكسل اليوم في مطلع السنة السابعة للحرب السورية، هذه الحرب التي نجم عنها حتى الآن نزوح أكثر من خمسة ملايين سوري من بلدهم، وأكثر النازحين توزَّعوا في البلدان التي لها حدود مع سوريا، وفي مقدمها تركيا ولبنان والأردن، وبدرجة أقل في الدول الأوروبية.

الدول الثلاث الآنفة الذكر تتحمَّل العدد الأكبر من النازحين:

ففي تركيا تجاوز عدد النازحين الثلاثة ملايين نازح، وفي لبنان يبلغ العدد عملياً نحو مليونين، وفي الأردن بضع مئات الآلاف.

***

في تركيا المسألة ليست أزمة كبرى. عدد سكان تركيا يزيد عن ثمانين مليون نسمة، لذا فإنَّ نزوح ثلاثة ملايين إليها ليس بالأزمة المتفجرة، كما أنَّ مساحتها تساعدها حيث أنَّها تمتدُّ على نحو 800 ألف كيلومتر مربع.

إذا ما قورن الأمر في لبنان، تظهر الكارثة الحقيقية الواقع فيها هذا الوطن الصغير:

فمن 800 ألف كيلومتر مربع، هي مساحة تركيا، تبلغ مساحة لبنان 10452 كيلومتراً مربعاً.

وحصة تركيا من النازحين التي هي 3 ملايين نازح ليست بالأمر الكبير، فلو أنَّ المقارنة مع لبنان، لكانت تركيا تستقبل نصف عدد سكانها أي 40 مليون نازح، تماماً كما يستقبل لبنان اليوم عدداً من النازحين يفوق نصف عدد سكانه.

***

يعتبر الرئيس الحريري أنَّ الإقتصاد اللبناني كان يقوم على أساس أنَّ عدد السكان يصل إلى أربعة ملايين ونصف المليون لبناني، اليوم هذا الإقتصاد يتحمل إلى جانب عدد اللبنانيين، مليونَي نازح سوري، فيكون الإقتصاد اللبناني يتحمل ستة ملايين ونصف المليون شخص.

النازحون السوريون ينافسون اللبنانيين في أعمالهم، فالمناطق التي يتواجد فيها النازحون بكثافة، أي في البقاع والشمال، يعملون في الزراعة، وهو العمل الأساسي للبنانيين في تلك المناطق، كما أنَّ بعضهم فتح متاجر ومصانع، وبسبب أعمال التهريب فإنَّهم يستوردون بضائعهم من سوريا وهي أقل ثمناً من البضائع اللبنانية، فينافسون اللبنانيين في أعمالهم ومصالحهم.

***

يدخل الرئيس الحريري إلى مؤتمر بروكسل اليوم حاملاً خطة للنازحين السوريين في لبنان تمتد لعشرة أعوام، فيها ما يجب البدء بتنفيذه اليوم، وفيها ما يمكن أن ينتظر قليلاً. سيخاطب المؤتمرين قائلاً:

لبنان قام بواجباته حيال النازحين، فهل قام المجتمع الدولي بواجباته حيال لبنان؟

هذا هو السؤال الذي يجب على المجتمع الدولي أن يجيب عنه. هذا المجتمع يطلب من الدول التي تستضيف النازحين أن تبقيهم عندها من دون أن يقدم لها شيئاً. هذه الدول، ولا سيَّما الأوروبية منها، تعرف أنَّها تتشارك مع لبنان في شواطئ حوض البحر الأبيض المتوسط، فماذا لو أتيح البحر للنازحين للتوجه إلى شواطئ اليونان وايطاليا وفرنسا وأسبانيا وقبرص؟

قد يحصل هذا الأمر إذا بقيت الدول المعنية على تلكؤها حيال مساعدة لبنان.

***

وهناك بند آخر من شأنه تخفيف عبء النازحين، وهو تقديم لبنان خطة تطالب بمناطق آمنة داخل سوريا يعود إليها النازحون، بعدما باتت الظروف الإقليمية والدولية مؤاتية.

أمرٌ واحد أساسي ويجب أن يُتابع وهو:

لا إمكانية للبنان ليتحمَّل أعباء مليوني نازح.