مشكلة بعض السياسيين اللبنانيين أنَّهم يفتّشون عن القرارات والقوانين، فيما هذه القرارات والقوانين تكون في متناول اليد ولا تحتاج سوى إلى السهر على التطبيق.
يُقال هذا الكلام في وقت يتضاعف هاجس النازحين السوريين الذين ترتفع أعدادهم باضطراد، في غياب الرقابة والمراقبة وأعمال الضبط.
في أواخر العام 2014، وكان مرّ على الحرب السورية ثلاثة أعوام ونصف العام، لم تكن أعداد النازحين السوريين إلى لبنان قد تجاوزت المليون نازح، بدأت أصوات اللبنانيين ترتفع حينها مطالبةً بوضع حدٍّ لمنافسة العمَّال السوريين لهم.
كان البلد في مرحلة الفراغ الرئاسي، وكانت السلطة التنفيذية في مرحلة ترهُّل ومراوحة إلى درجة الشلل، وكان أيُّ قرارٍ يحتاج إلى إجماع ليتمَّ اتخاذه. مع ذلك صدر قرار عن وزير العمل آنذاك سجعان قزي، استجاب فيه لمطالبات اللبنانيين، فحدد المهن المحصورة باللبنانيين مراعاة للمصلحة الوطنية ومبدأ المعاملة بالمثل وحاجة سوق العمل، ومما جاء في القرار عن المهن المحصورة باللبنانيين:
بائع - صائغ - خياط - رتي باستثناء عامل رتي السجاد - التمديدات الكهربائية - الميكانيك والصيانة - أعمال الدهان - تركيب الزجاج - الحاجب - الحارس - السائق - النادل - الحلاق - الأعمال الإلكترونية - الطاهي مأكولات شرقية - المهن الفنية في قطاع البناء ومشتقاته كالتبليط والتوريق وتركيب الجفصين والألمنيوم والحديد والخشب والديكور وما شابه - التدريس في المراحل الإبتدائية والمتوسطة والثانوية باستثناء تدريس اللغات الأجنبية عند الضرورة - الأعمال الهندسية بمختلف الإختصاصات - أعمال الحدادة والتنجيد - التمريض - جميع أنواع الأعمال في الصيدليات ومستودعات الأدوية والمختبرات الطبية - الكوي والصباغة - تصليح السيارات حدادة، دهان، ميكانيك، تركيب زجاج، فرش وكهرباء سيارات.
كان ذلك قبل ثلاثة أعوام:
القرار لم يتغيَّر، وفي الوقت عينه لم يُنفَّذ إلا على نطاق ضيِّق وعلى مستوى بعض البلديات والمبادرات الفردية.
أعداد النازحين تضاعف من مليون إلى مليونين.
إذاً البلد في مأزق، وعبثاً أي حديث آخر.
كثيرون يعوِّلون على المؤتمر الذي انعقد في بروكسل، ورئيس الحكومة سعد الحريري قام بجهود جبَّارة وأعدَّ بعناية فائقة مع فريق عمله المعطيات التي قدمها إلى المؤتمر، ودقَّ ناقوس الخطر. لكن ما يجب أن يؤخذ في الحسبان أنَّ مؤتمر بروكسل لم يكن مخصصاً للبنان ولا عن لبنان فقط، وهذا كان واضحاً من عنوانه وهو مؤتمر بروكسل حول مستقبل سوريا والمنطقة.
المشاركة فيه كانت للدول التي تحمل أعباء النازحين ولا سيما لبنان والأردن. والمشاركة من المقلب الآخر للدول الداعمة، وفي مقدمها الكويت، والدول الأوروبية التي تسعى إلى أن تكون نيران النازحين محصورةً في الدول المجاورة لسوريا وأن تُبعد عنها كأس النزوح.
إنتهى مؤتمر بروكسل، ماذا بعد؟
هل من نتائج عملية وملموسة وسريعة؟
أم أنَّ لبنان سيواصل تعداد النازحين؟
في أواخر العام 2014 طُرِح التساؤل ذاته، فهل سيتكرَّر؟