تواجه الحكومة، اليوم، استحقاقات لم تعد قابلة للتأجيل... لا نتحدث عن التعيينات الإدارية، على أهميتها. ولا نتحدث عن التشكيلات القضائية، على أهميتها القصوى. بل نكاد ألاّ نتحدّث عمّا يجري في مخيم عين الحلوة وضرورة (بل حتمية) وضع حد لهذا الوضع الشاذ هناك بعدما تحوّل هذا المخيم الى بقعة للخارجين على القانون والمرتكبين يجرّعون الأمرين للأخوة الفلسطينيين سكان المخيّم الأوادم أكثر (ربما) من المرارة التي يتذوقها اللبنانيون. إننا نتحدّث عن ثلاث قضايا يفترض بمجلس الوزراء أن يبتها ويتخذ من كل منها الموقف الحاسم. أولاها قضية قانون الإنتخاب. والثانية قضية الموازنة العامة. والثالثة قضية سلسلة الرتب والرواتب.
في جلسة المناقشة العامة الإستعراضية تبيّن ان ليس لدى معظم النواب سوى الحكي، والإنتقاد للإنتقاد، ولتبييض الصفحة والوجه أمام الرأي العام، كون ساعة الإنتخابات آتية لا ريب فيها، مهما طال الزمن. وكم كان رئيس الحكومة مصيباً، وكذلك القلة من الوزراء الذين ردّوا على همروجة الإنتقادات المستقاة مضامينها من فقرة في مقال صحيفة، أو من شائعة، أو من إتصال تلفوني «مهضوم» مثل صاحبه!
وفي تقديرنا ان من واجب الحكومة، وعلى قاعدة «اضعف الإيمان»، ان تبادر الى إزالة تلك العقبات الثلاث التي تعترض مسيرتها ومسيرة العهد، وبالتالي لم يعد مسموحاً التأخير في إرسال مشاريع القوانين ذات الصلة بقانون الإنتخاب والموازنة العامة والسلسلة.
إلا أن هذا لا يعفي أحداً من المسؤولية. وأود أن أحصر كلامي في مشروع قانون الإنتخاب.
منذ أن تولّى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تقديم بضعة نماذج عن مشروع قانون الإنتخابات النيابية والقيامة قائمة ولم تقعد بعد.
الجميع (الجميع من دون استثناء) يسجلون المآخذ ويعددون المثالب عن حق أو باطل. نقول الجميع، من أقربين وأبعدين، ومن حلفاء وخصوم سياسيين.
وهذه الحال من الإسترخاء المرفوض... استرخاء في النشاط والمسؤولية وعدم القيام بالواجب. فهؤلاء المنتقدون، والمعارضون، ومسجلو المآخذ لماذا لا يتفضلون لتقديم مشاريعهم؟ لماذا لا يتحفوننا بما في جعبتهم غير الموقف السلبي؟!
يكفي جبران باسيل انه حاول وحاول وحاول مراراً وتكراراً وما زال يحاول... ولكن لا يكفي السادة المعترضين والمنتقدين والسلبيين أن يقفوا متفرّجين (ليتهم يتفرجون وحسب) بل ان يقفوا «ناطرين باسيل عَ الكوع» ليسجلوا سلبياتهم.
ومن حق المواطن اللبناني، ونحن مثله، أن يسأل وأن نسأل معه: أين مشاريعكم؟ أين اقتراحاتكم؟ أين أفكاركم الفذّة والخلاّقة؟ أين حميتكم؟ أين أصواتكم وقد اختفت وأين عقيرتكم وقد بُحت، فلا تطلعون على الناس بما في جُعَبِكم غير الأحقاد والتنكيت الفارغ؟
هل تنحصر ادواركم في هذه السلبية؟ أليس لديكم ما تقدمونه الى الشعب سوى ذلك؟ أليس من واجباتكم أن تبادروا؟!.
لا يعجبكم ما يتقدم به جبران باسيل؟ عال العال... هذا حقكم الذي لا ينازعكم فيه أحد، ولكن هاتوا البديل. تفضلوا وانيروا الدرب الى قانون للإنتخابات بما تقدمون من أفكار نيرة.
فعلاً انه أمرٌ لم يعد مقبولاً.
فإذا كنتم تنكتّون... فهذه نكتٌ سمجة.
وإذا كنتم تمزحون، فالمزاح يقتضي خفة ظل.