يتحدث دبلوماسي أجنبي بثقة أن مسألة هجوم خان شيخون يُراد منها النيل من روسيا وليس من سوريا. ويؤكّد أن قضية الكيميائي قد يتبين قريبا أنها مفبركة.
وبالفعل، ذكرت قناة الـ"CNN" منذ ايام نقلاً عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن الجيش الأميركي يحقق فيما إذا كانت روسيا متورطة في الهجوم الكيميائي الذي استهدف مدينة خان شيخون في محافظة ادلب السورية.
وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يقول في تصريح نشرته شبكة "ABC" أن "الفشل الحقيقي هو فشل روسيا في الوفاء بالتزاماتها".
واضح أن موقف الإدارة الأميركية حازم لجهة التأكيد على حصول هجوم كيميائي مصدره طائرات سلاح الجو السوري الّذي انطلق من مطار الشعيرات؛ لتبرير اعطاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأمر بقصف المطار "جزئياً".
من جهة أخرى موقع سبوتنيك ينقل عن جريدة veterans today أن "منظمة أطباء سويديون لحقوق الإنسان" (SWEDRHR) بعد تحقيقات طبية للأفلام التي نشرتها منظمة "الخوذ البيضاء" لعمليات الإنقاذ تبين لخبرائها أن تلك العمليات مفبركة وما ظهر ليس تسمّما بالغازات الكيميائية بل حالات تخدير بمخدِّر عام وبجرعات زائدة وفصّلوا الأسباب الطبية لاستنتاجاتهم هذه.
تتضارب الآراء العلمية والسياسية والعسكرية لما حصل في خان شيخون؛ حتى في الولايات المتحدة الأميركية.
النائبة الأميركية تولسي غابارد وهي عضو في اللجنة العسكرية التابعة للكونغرس صرحت في مقابلة صحفية معها أنه يجب أن يحصل تحقيق مستقل لمعرفة الحقائق واتهام ترامب للرئيس السوري بشار الأسد لا يكفي.
لم يتخذ ترامب موافقة الكونغرس قبل إطلاق صواريخ التوماهوك على مطار الشعيرات. ولكن، لماذا يستبق الرئيس الأميركي التحقيقات فيكون المحقق والحَكم والحُكم؟ ولماذا لَم يتمّ تدمير مطار الشعيرات كلياً؟ لا بدّ في سياق البحث عن الأجوبة من التنبّه إلى المسائل التالية:
أوّلاً: إنّ استمرار حكم الرئيس دونالد ترامب للولايات المتحدة الأميركية في دائرة الخطر. لجنة الإستخبارات في الكونغرس الأميركي تحقق في مدى توافر تدخّل الاستخبارات الروسية في الانتخابات الرئاسية الأميركية لمصلحة ترامب. وكذلك يفعل مكتب التحقيقات الفدرالي، والتحقيقات ما زالت جارية.
ثانياً: اتخاذ ترامب القرار بقصف مطار الشعيرات يقلب المشهد الى علاقة غير توافقية مع روسيا. وها هي ادارته تتهم روسيا بالتورط بالهجوم. هل يفيده ذلك في الاتهامات الموجهة اليه في الداخل الأميركي؟!
النائب الجمهوري دفن نايونز وهو المعروف بقربه من ترامب قدّم منذ أيام استقالته من لجنة الاستخبارات في الكونغرس. ربّما يُعتبر ذلك مؤشّرا ما.
ثالثاً: نشرت شبكة "CNN" أن مسؤولا بوزارة الدفاع الأميركية كشف لها أن الولايات المتحدة الأميركية أعلمت روسيا بشأن قصف مطار الشعيرات قبل ساعة واحدة من تنفيذ الهجمات الصاروخية. فأخلت روسيا القاعدة العسكرية من خبرائها العسكريين. ماذا يعني ذلك؟ إنّ ترامب لم يواجه روسيا.
رابعاً: لم يتم استهداف مدرج المطار فبقي صالحا للاستخدام. وبالفعل بعد ساعات من الهجوم. انطلقت منه طائرات سلاح الجو السوري وقصفت أهدافا للارهابيين في الرقة. ولكن، وزير الدفاع الأميركي أعلن ردًّا على الانتقادات أن الضربة الأميركية على سوريا دمرت 20% من قدرة النظام الجوي. ماذا يعني ذلك؟ إنّ ترامب لم يواجه الأسد. لكنّه سجّل موقفاً "إنقاذياً" دولياً.
خامساً: حصل الهجوم على مطار الشعيرات عقب عشاء جمع الرئيس الأميركي بنظيره الصيني، وأعربت الصين عن استغرابها لتوقيت هذا القرار. يُقرأ منه أنّه رسالة تحذيرية للصين لحثها على مواجهة قضية السلاح النووي في كوريا الشمالية. تتوسّع الاحتمالات وتتشعب.
ولكن، إذا ظهر عدم تورط الدولة السورية بالهجوم الكيميائي، لا شك أن ترامب سيكون بموقع حرج دولي وأمام الكونغرس.
وفي المقلب الآخر، اذا تبين أن الهجوم الكيميائي سببه التنظيمات الإرهابية التي تحوز عليها. لا شك أيضا أن الرئيس الأميركي يكون بقصفه مطار الشعيرات قدم لهم خدمة مجانية.
أما اذا تبين أن قضية الكيميائي مفبركة ولا تمت الى الحقيقة بصلة. فترامب بورطة دولية ومحلية أميركية.
فهل في جعبة الاستخبارات الروسية أو السورية ما يلزم الادارة الأميركية على تبديل سياستها؟. أم في جعبة الاستخبارات الأميركية معلومات تلزم ترامب على تبديل موقفه من روسيا وسوريا؟. الأيام المقبلة ستُظهر ذلك. أما في حال توالت الضربات الأميركية على سوريا؛ فالحرب المفتوحة تكون آتية.