لاحظت مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع لصحيفة "المستقبل"، أنّ" زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لروسيا لم تُلغَ مثلما ألغيت زيارة نظيره البريطاني، إثر الضربة الأميركية في سوريا وردود الفعل عليها، بل على العكس، حصلت الزيارة والإدارة الأميركية تريدها أكثر من أي وقت مضى، من أجل التفاوض بعد الضربة وفق قواعد جديدة".
ولفت إلى أنّه "يمكن تلخيص أهداف واشنطن من وراء الضربة على سوريا، بـ : أوّلاً، إعادة وضع الخط الأحمر الأميركي من جديد، وهو أنّ استعمال السلاح الكيميائي وأسلحة الدمار الشامل ممنوع. ثانياً، أنّ الأميركيين يقولون للعالم ولروسيا إنّهم لا يزالون هنا، وإنّهم لم يخرجوا من الأزمة السورية، وإنّ كلّ اللّاعبين يُفترض أن يحتسبوا الأمور على هذا الأساس. ثالثاً، أنّ المسألة ليست كما تمّ تصويره بأنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستعدّة للحديث مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل محاربة تنظيم "داعش"".
وأكّدت المصادر أنّ "المهم ما الّذي سيحصل بعد الضربة"، متسائلةً "هل ستزيد واشنطن الدعم للمعارضة؟ وهل سيتمّ رفع الحظر عن الصواريخ المضادة للطيران للمعارضة السورية؟ إذ من المستبعد أن تكون الضربة على مطار الشعيرات العسكري، قادرة وحدها أن تؤدّي إلى تغيير في السياسة الأميركية، بل يُنتظر أن تتمّ مواكبتها بإجراءات أخرى"، منوّهةً إلى أنّ "الدول الغربية ستبني على الضربة في سياستها مع واشنطن لمحاولة جرّها صوبها وإبعادها عن روسيا. وفي اجتماع مجموعة الدول السبع الكبرى، تحدّث الأوروبيون عن ضرورة فرض عقوبات على روسيا إذا لم تتخلَّ عن دعم الأسد".
كما أوضحت المصادر، أنّ "الولايات المتحدة الأميركية لم تضع سياسة خارجيّة وإستراتيجيّة متكاملة، إنّما هي تعمل على إنجازها، لكنّها في الوقت نفسه تتصرّف وتقوم بما يلزم فعليّاً"، لافتةً إلى أنّ "ترامب يريد من خلال الضربة، أن يثبت للداخل الأميركي أنّه ليس مثل سلفه باراك أوباما، الّذي وضع خطّاً أحمر بالنسبة إلى السلاح الكيميائي، وتمّ تجاوزه، ولم يقم بأيّ ردّ فعل إزاء هذا التجاوز. كما أنّ الضربة تشكّل رسالة، مفادها أنّ ترامب حاسم، ويستطيع إتخاذ قرار ولن يتراجع، إزاء تجاوز الخطوط الحمر لديه"، مشدّدةً على أنّه "أراد أيضاً بداية رسم حدود للنفوذ الروسي في سوريا والشرق الأوسط. وتوجيه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، حول أنّ بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي حيال تعطيل الروس لعمله وجعله عاجزاً عن اتخاذ قرار حول الحال في سوريا. حتى أنّ النقاشات في المجلس حول المشاريع المطروحة وصلت مع الروس إلى حائط مسدود. وروسيا عملت على تقديم مشروع مضاد للمشروع الأميركي - الفرنسي - البريطاني. قدّمت واشنطن وباريس ولندن مشروعاً جديداً وروسيا أسقطته باستخدامها حقّ "الفيتو"".
وأشارت إلى أنّه "إذا وقفت الأمور عند هذا الحدّ، فيكون تأثير الضربة محدوداً. والأميركيون ليسوا متخوّفين من أيّ ردود فعل تمّ التهديد بها، لأنّ إيران عادة لا تُحارب مباشرة، بل تقوم بعمليّات أمنيّة والروس لن يدخلوا في حرب مع الولايات المتحدة والسلاح الروسي ليس متطوّراً كالسلاح الأميركي. كما أنّ روسيا والصواريخ الّتي تنصبها في سوريا "300 آس" و "400 آس" لم تعترض أي صاروخ أميركي قُصف على سوريا".