لا يستطع أحد ان يتباهى بنشوة نصر وهمي ومفقود طالما ان البلد ما يزل في قلب الأمة، وطالما ان هذه الازمة لا تزال في عنق الزجاجة. فامتحان الاتفاق على قانون جديد للانتخاب يبقى الاستحقاق الاساسي الذي يتوج النصر الحقيقي، والا فاننا ذاهبون الى جلسة 15 ايار وفق المعادلة نفسها إما تجرع سمّ التمديد لسنة او الموت بفراغ قاتل ومدمر كما عبر الرئيس بري في «لقاء الاربعاء».
وبرأي مراجع سياسية ان استخدام رئىس الجمهورية المادة 59 من الدستور يعطي فرصة شهر اضافية للاتفاق على القانون الجديد، لكنه لا ينهي المشكلة ولا يشكل المخرج الحقيقي لهذه الازمة الممتدة منذ فترة طويلة.
وبعد ان هدأت النفوس نسبياً بهذا المخرج الدستوري المحسوب، لا بدّ من العودة الى الحقيقة بعيداً عن التهويل باللجوء الى الشارع. فهل تنجح المفاوضات بين الاطراف في استخلاص العبرة من 13 نيسان 2017 وانجاز قانون الانتخاب، ام تنتهي الى النقطة التي سبقت استخدام الرئىس عون لورقة الدستورية؟
تقول المراجع ان الفرصة متاحة للاتفاق اذا ما ايقن البعض ان العقلية التي يجب ان تحكم النقاش يجب ان تكون بعيدة عن ذهنية شطب الآخرين حتى في الطائفة الواحدة، واستبدال هذا المنطق بمنطق تحقيق المشاركة الحقيقية وعدم الاستئثار بكل الحصص او بمعظمها.
ووفقاً للمعلومات التي صارت معروفة ومعلنة فان اقتراح قانون التأهيل هو
الاقتراح الحاضر اليوم على طاولة المفاوضات في مجلس الوزراء او خارجه. ويفترض ان يستأنف النقاش بعد عطلة العيد من النقطة التي وصل اليها، حيث اختلف الرأي بين الرئىس الحريري والوزير باسيل على عدد الذين يؤهلون اكثريا في القضاء الى الانتخاب على اساس النسبية بين اثنين او ثلاثة. عدا عن الاختلاف حول عدد الدوائر التي سيعتمد في النسبية.
ويقول مصدر في الثنائي الشيعي اننا انخرطنا بالنقاش بكل جدية، وان المشكلة لم تكن عندنا مع العلم ان رأينا المبدئي كان في اعتماد النسبية في قانون التأهيل على اساس لبنان دائرة واحدة او المحافظات الكبرى.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل تصلح مبادرة الرئىس عون الدستورية ما افسده رئىس تياره الوزير باسيل في جولة المفاوضات التي سبقت 13 أيار؟ وهل سيأخذ قانون التأهيل مساره الى الاتفاق ام يواجه الصعوبات التي واجهتها الاقتراحات الأخرى؟
الجواب رهن بمسار المفاوضات في الايام والاسابيع القليلة المقبلة، لكن ثمة مخاوف جدّية من ان يبقى النقاش في دائرة مفرغة اذا ما تشبث البعض بعقلية تفصيل ثوب القانون على مقاسه او توهّم بنصر تأجيل جلسة 13 نيسان، واعتقد انه يستطيع الذهاب بهذا الوهم الى النهاية.
وبانتظار ما ستحمله المرحلة المقبلة من تطورات على صعيد قانون الانتخاب فان ما جرى أظهر، حسب المراجع السياسية، ان خلق مزيد من «التهشيم» في العلاقات بين الاطراف السياسية المنضوية في الحكم والحكومة، وان فرصة الشهر يجب استغلالها بكل مسؤولية لاعادة لملمة الوضع واستئناف مسيرة العهد لكي لا يتعرض لانتكاسات اخرى اكثر تهشيماً وإيلاماً.
واذا كان الرئىس عون قد استخدم حقه الدستوري وفق المادة 59 بتعليق عمل المجلس النيابي لشهر، فان تحديد الرئيس بري للجسلة في 13 نيسان جعله يستخدم هذه الورقة مبكراً لسببين: اولا لنزع فتيل التوتر الذي ساد في الايام الثلاثة الماضية والذي ينعكس على العهد والبلد برمته، وثانياً لاعطاء فرصة مناسبة للاتفاق على قانون جديد.
وبرأي مصدر نيابي قانوني ان دعوة الرئيس بري لعقد الجلسة في 13 نيسان الجاري كانت خطوة محسوبة بكل المقاييس، وقد أخذت بعين الاعتبار لجوء الرئيس عون لهذه الخطوة، فارجأ الجلسة الى 15 أيار المقبل.
ويضيف بأنه اذا لم يحصل الاتفاق لا سمح الله فان المجلس مضطر في جلسة 15 ايار الى اللجوء لتجرّع سمّ التمديد، وفق الاقتراح المقدم من النائب نقولا فتوش، لتفادي الموت الذي يجسده الفراغ القاتل والمدمر.
واذا ما أقرّ المجلس التمديد لسنة بصفة القانون المعجل فان امام رئىس الجمهورية مهلة خمسة ايام لردّه، وبالتالي تبقى هناك فرصة زمنية (عشرة ايام قبل انتهاء العقد العادي للمجلس) لكي يعيد المجلس اقرار القانون بالاكثرية المطلقة اي 65 نائباً.
وبرأي المصدر ان فشل التوصل الى قانون جديد في مهلة الشهر التي بدأ مفعولها سيضع البلاد مجددا بصورة ناصعة ولا تقبل اي لبس او تأويل امام المعادلة التالية «التمديد او الفراغ»... وفي مثل هذه الحال يصبح التمديد امرا واقعاً لأن الفراغ مرفوض وممنوع.