الثلاثة ملايين ونصف مليون ناخب لبناني، لا شك أنَّهم يحسدون المئة والخمسين ألف لبناني الذين يحملون الجنسية الفرنسية والذين مارسوا حقهم الإنتخابي لاختيار الرئيس الجديد للجمهورية الخامسة في فرنسا.
كثيرون منهم وضعوا صورهم على مواقع التواصل الإجتماعي من فايسبوك وتويتر وانستغرام، وهُم يُدلون بأصواتهم معبِّرين عن معنويات مرتفعة بأنَّ صار لهم صوتٌ في اختيار رئيس إحدى الدول العظمى. أما أخوانهم في المواطنية، الثلاثة ملايين ونصف المليون، فإنَّهم ينتظرون منذ حزيران العام 2013 ليأخذوا هذه الصورة وليمارسوا دورهم الديمقراطي، وهو الدور الذي حرموا منه منذ آخر مرة انتخبوا فيها، وكانت في حزيران 2009.
***
اللبنانيون باتوا مقتنعين بأنَّ الطبقة السياسية لا تريد انتخابات نيابية إلا إذا ضمنت النتائج، وليس من باب الصدفة أنَّ في أدراج مجلس النواب 28 مشروع قانون إنتخابات، فيما ليس هناك من قرار على التصويت على أيٍّ منها، وأكثر من ذلك، هناك مَن اعتبر أنَّ التصويت هو بمثابة حرب أهلية.
وثمة مَن يعتقد بأنَّ كل هذه المشاريع القوانين مرفوضة، ليس بسبب عدم ملاءمتها بل لأنَّ المعنيين بالإنتخابات والقيّمين عليها، لا يريدونها لأنَّ الوضع كما هو يلائمهم، كما أنَّ الإنتخابات تحتاج إلى أعباء غير متوافرة، لذا فإنَّ الوضع الحالي يناسبهم.
لهذا السبب فإنَّ المراقبين يتوقفون عند أكثر من مؤشر:
الأول أنَّ الجلسات الماراتونية التي وُعِد بها اللبنانيون، لمجلس الوزراء، لم تنعقد، عُقدت جلسة يتيمة وتألفت إثرها لجنة وزارية عقدت بدورها جلسة يتيمة، فهل هكذا يكون الإستنفار الوزاري للوصول إلى 15 أيار وقد تمَّ إنجاز مشروع قانون جديد؟
هناك تباطؤ متعمَّد، بصرف النظر عن النيات الصافية، فهذا الأسبوع، وهو الأسبوع الثاني على التوالي، لن ينعقد مجلس الوزراء في موعده العادي غداً الأربعاء، خصوصاً أنَّ جدول الأعمال للجلسة لم يُوزَّع بعد، وقد تُعقَد جلسة أواخر الأسبوع في حال تمَّ التوافق على بعض البنود والإستحقاقات وليس بينها بالتأكيد مشروع قانون الإنتخابات.
لو كان الأمر جدياً لكانت الإجتماعات بدأت بدرس القوانين المنجزة، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك مشروع قانون لجنة فؤاد بطرس التي تشكَّلت في العام 2005. لإنعاش ذاكرة البعض، اللجنة عقدت ما يقارب مئة اجتماع، واستعانت بخبراء دستوريين وبخبراء في القانون، ودرست قوانين انتخابية لدول متقدمة وقارنت بينها وبين ما يلائم لبنان، وبعدما أنجزت مهمتها تمَّ وضعها جانباً هي والقانون الذي أعدته لتجري الإنتخابات عام 2009 وفق قانون الستين! فلماذا كانت كل الإلهاءات لسياسيين وقضاة وخبراء على مدى مئة اجتماع إذا كان القرار بالعودة إلى قانون الستين؟
أليس ما يحدث اليوم هو أمرٌ مشابه؟