نجحت خطوة رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبدالله، بتعيين محامين عسكريين للموقوف أحمد الأسير، في تسريع سير جلسات محاكمات الأسير وموقوفي معركة عبرا. ورغم امتناع الأسير عن الاجابة عن أي سؤال احتجاجاً على عزل محاميه محمد صبلوح وانطوان نعمة وعبد البديع العاكوم، الا ان العميد عبد الله حدد تاريخ 16 أيار 2017 موعداً لجلسة انهاء الاستجوابات والبدء بالمرافعات.
انسحاب المحامين
جلسة دراماتيكية شهدتها اليوم أروقة المحكمة العسكرية، بعد أن بدأت بكلام لمحامية أحد الموقوفين زينة المصري، التي أوضحت بأنها "تقدمت بإخبار مستقل شبيه بإخبار من أطلق الرصاصة الأولى الذي كان قد قدمه محامو الاسير الا انه مستقل عنهم"، فرد عليها ممثل النيابة العامة القاضي هاني الحجار بالقول "قصة الاخبارات التي تُقدّم باتت شبيهة بقصة ابريق الزيت"، فحاولت أن ترد عليه، الا انه قاطعها بالقول "يمنع عليك ان تقاطعيني. عدة جلسات تم ارجاؤها بسبب الاخبارات المقدمة وتلازمها مع القضية وبسبب الطلبات المقدمة. ان الاخبار المقدم هو لدى النيابة العامة وبالتالي لا يوجد تلازم قانوني بين هذا الاخبار وجلسات المحكمة العسكرية، فالتلازم لا يتحقق إلا بدعويين عند نفس المحكمة. وبما يخص الاستئخار المقدّم من بعض الوكلاء، فإن وظيفة المحكمة البحث في جدّيته. لذا نطلب رد التلازم المقدم ورد الاستئخارات أيضا".
حينها انسحبت المصري ومعها آخر بسبب رد طلبه باستمهاله لاعادة درس الملف. وأعلن رئيس المحكمة العسكريّة تعيين محامين عسكريين بدلاً للمحامين المنسحبين وبدل المحامين الذي لم يحضروا اضافة لمحامي عسكري للأسير.
المحكمة باطلة
حينها بدأ القاضي عبد الله باستجواب الأسير، سائلاً إياه ان كان يريد أن يقول شيئاً. فبدأ الأسير بالكلام "لدي بدل الوكيل ثلاثة، لذا أرفض تعيين أي وكيل عني. وطلبت من نقابة المحامين تعيين محامين عني الا أنّها لم تستجب. كما ان المحامين الثلاثة الذين عيّنتهم كانوا يحضرون، وبسبب عدم استجابة المحكمة لمطالبهم، اعتكفوا عن الجلسات. وبالتالي فإن قرار وضع محامين عسكريين لي هو ضد حقوقي واستمرار في الغاء أحمد الأسير، وبتعيينكم لمحامين عسكريين، تصبحون أنتم الجهة المدعية والجهة الحاكمة والجهة المدافعة عني. وعدم الرد على الإخبار المقدم دليل على وجود مؤامرة ضدي".
حينها قرّر القاضي البدء بطرح الأسئلة عليه، منطلقا من السيرة الذاتية للأسير "الذي مارس العديد من المهن كعامل في أحد الافران، وسائق لسيارة بيك أب قبل البدء بدراسة الشريعة الاسلامية والالتزام بمسجد بلال بن رباح. ومن ثم سافر الى العديد من البلدان بهدف نشر الدعوة الاسلامية"، فسأل الأسير ان كان يريد اضافة اي شيء، فأجابه الأسير بنبرة عالية "المحكمة هذه مُسَيّسة وباطلة وانا التزم الصمت". حينها تابع القاضي سرد السيرة الذاتية للأسير الذي زار باكستان والهند وتركيا والسعودية، وبقي بعيدا عن السياسة حتى اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، وعند انطلاق الاحداث في سوريا انخرط أكثر في العمل السياسي.
في كل مرّة حاول فيها القاضي سؤال الأسير ان كان لديه اي تعليق، وقف صامتاً، رافضاً الكلام. وتابع رئيس المحكمة العسكرية سرد السيرة الذاتية وصولا الى احداث عبرا، حيث قال "نروي هذه التفاصيل التي قلتها أنت في التحقيقات، لندحض ما يقال في الإخبار المقدم "من أطلق الرصاصة الأولى"، ولنقول انكم انتم من أطلقتم الرصاصة الاولى ضد الجيش اللبناني". بقي الأسير صامتا. فسأل ممثل النيابة العامة الأسير "من أطلق الرصاصة الأولى؟ ها نحن نمنحك الحق في ان تقول من أطلق الرصاصة الأولى"، فلم يجب الأسير ايضاً.
حينها انتقل القاضي عبد الله إلى باقي المتّهمين، وهم مستجوبون في جلسات سابقة. فهذه القضية كانت ستصل إلى الحكم، الا ان القاء القبض على أحمد الأسير في 15-8-2015، أعاد خلط أوراق القضية، واعيدت المحاكمات من البداية، مع الحفاظ على استجواباتهم. وفي كل مرة سأل عبد الله ان كان الموقوف يريد اضافة أي شيء على استجوابه السابق.
نريد محاكمة نصرالله
تضامن جزء من الموقوفين مع الأسير، فرفضوا بدورهم الاجابة عن أي سؤال في غياب محاميهم الاصليين. وجزء آخر، أجاب على اسئلة القاضي عبد الله واضافوا بعض التعديلات على استجواباتهم السابقة، رافضين الاستجواب الاولي الذي تم اجراؤه في وزارة الدفاع من قبل مخابرات الجيش.
لكن اللافت، أن عدد من الموقوفين طالبوا بمحاكمة عناصر حزب الله وسرايا المقاومة. فاعتبر الموقوف عدنان الضاهر، أنه "كي يكون هناك عدالة، يجب أن يكون جميع المدعى عليهم موجود. فلماذا لا تتم محاكمة عناصر حزب الله؟ هل لأننا نحن من الطائفة السنية"؟. وبدوره الموقوف محمد صطيف، شدد على "اننا نريد وجود مقاتلي حزب الله وسرايا المقاومة معنا". أما الموقوف محمد صلاح فقال "في محاكماتي السابقة وقبل القاء القبض على أحمد الأسير، كنت أقول انني اريد محاكمة حزب الله وسرايا المقاومة. واليوم أقول انني اريد (الأمين العام لحزب الله السيّد) حسن نصرالله شخصيا هنا وان يحاكم والا فإنني ارفض هذه المحاكمة".
وبعد الانتهاء من الاستماع الى جميع الموقوفين، حدد رئيس المحكمة العميد حسين عبدالله موعد 16-5-2017 كموعد أخير لاستكمال الاستجوابات والبدء في المرافعة. فهل بدأت نهاية ملف استمر لمدة 43 شهراً؟ وهل ستنجح خطوات رئيس المحكمة بانهاء هذه القضية؟.