في الفترة الأخيرة، توقفت جميع عمليات التنسيق بين "هيئة تحرير الشام" وحركة "أحرار الشام"، على خلفية الخلافات التي حصلت سابقاً بين الجانبين بعد الإعلان عن ولادة الهيئة بسبب رفض الحركة الإنضمام لأسباب عدّة، في حين كان التنسيق يسيطر على العلاقة بينهما في السابق، الأمر الذي كان له تداعيات كبيرة على المعارك التي خاضها الفريقان، لا سيما في ريف حماه والتي أدت إلى خسارة فصائل المعارضة السورية مواقع مهمة.
في الأيام الماضية برز تطور لافت أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، من خلال عودة الحديث عن إمكانية تشكيل غرفة عمليات موحدة، لا سيما بعد أن شاركا معاً تحت اسم "جيش الفتح"، الكيان الذي كان يجمعهما سابقاً، في التوقيع على الإتفاق الذي تم مع الجانب الإيراني حول بلدات الفوعة وكفريا والزبداني ومضايا، لكن المعلومات تتحدث عن أن الأمر يقتصر على التعاون في معركة ريف حماه، نظراً إلى أن تداعياتها ستكون كبيرة جداً في حال إستمر الجيش السوري في تقدمه، حيث من المفترض أن يكون ذلك جزءاً من السعي إلى إطباق الحصار على معقل المعارضة الأبرز في ادلب.
في هذا السياق، تنفي مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن يكون هذا الأمر مرتبطاً بالرسالة التي وجهها مؤخراً زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري إلى الفصائل السورية للتوحد في المعركة، وتشير إلى أن الموضوع لا يزال قيد البحث حيث تجري مشاورات بين الهيئة والحركة للوصول إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة، من دون أن يعني ذلك عودة مفاوضات الإندماج في كيان واحد كما كان يجري البحث في وقت سابق، وتضيف: "المطروح العودة إلى إحياء نموذج جيش الفتح ولو كان ذلك بأسلوب جديد مختلف".
وتلفت هذه المصادر إلى أن المفاوضات القائمة لا تقتصر على تشكيل غرفة عمليات مشتركة خاصة بمنطقة محددة بل هي من المفترض أن تكون شاملة، مع وجود سعي من جانب "الأحرار" لتضم مختلف الفصائل المعارضة، بالرغم من أن هذا الأمر دونه محاذير عدة أبرزها تصنيف الهيئة كمنظمة إرهابية من قبل معظم القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، لا بل ان الرسالة الأخيرة الصادرة عن الولايات المتحدة في هذا الشأن تتحدث عن شمول هذا التصنيف كل من يندمج أو يتعاون معها.
على هذا الصعيد، توضح مصادر أخرى، عبر "النشرة"، أن المشاورات والإتصالات القائمة لا يمكن القول أنها وصلت إلى نتيجة تذكر حتى الساعة، وتؤكد أن الأمر لا يتوقف عند الهيئة والحركة بل هو من المفترض أن ينطلق من موافقة الجهات الداعمة للجانبين، لا سيما بالنسبة إلى "أحرار الشام"، وتضيف: "تلك الجهات هي التي منعت الوصول إلى مرحلة الإندماج في السابق، الأمر الذي دفع هيئة "تحرير الشام" للذهاب إلى هذا الخيار بعيداً عن "أحرار الشام".
من وجهة نظر هذه المصادر، لا يمكن الرهان على نجاح هذه المفاضات حتى ولو كانت بعض التسريبات تتحدث عن إمكانية التوصل إلى تفاهم يتم الإعلان عنه في وقت قريب، لا سيما أن الخلافات بين الجانبين تعاظمت في الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد الهزائم في ريف حماه، وتشير إلى أن الأمر أيضاً يشمل تصعيد الخطاب التحريضي بينهما، وتشير الى بروز تطور لافت تمثل في الكشف عن مجموعة من "الفتاوى" الصادرة عن الحركة إلى مقاتليها، تتعلق بالمحاولات التي قامت بها الهيئة لشق الصف الداخلي في "أحرار الشام"، وتتابع: "هذه الفتاوى تضمنت بشكل واضح توصيفاً لما تقوم به "تحرير الشام" بـ"البغي"، ما يعني أن التعامل معها من المفترض أن يكون على قاعدة النصح قبل القتال"، وتسأل: "كيف من الممكن الحديث عن تعاون بين فصيلين أحدهما يعتبر أن من الواجب تقديم النصح إلى الآخر قبل إعلان الحرب عليه"؟.
في المحصلة، هناك مفاوضات حقيقية بين الجانبين للعودة إلى التعاون معاً في المعارك العسكرية، لا سيما ضد الجيش السوري ومن معه من حلفاء، لكن على ما يبدو هناك الكثير من العراقيل التي قد تمنع التفاهم بينهما، لا سيما أن التجارب السابقة أكدت أن ما يفرق بين الهيئة والحركة لا يمكن إعتباره أمراً ثانوياً، إلا إذا كانت الضغوط كبيرة عليهما للذهاب إلى هذه الخطوة.