باتت وتيرة الضربات الصاروخيّة الإسرائيلية ضُدّ أهداف عسكريّة في سوريا مرتفعة جدًا، وتقاربت عمليّات القصف والتدمير أكثر فأكثر، حيث جرى فجر الخميس إستهداف مُستودعات للأسلحة جنوب غرب مطار دمشق الدَولي بصواريخ عدّة، ما أدّى إلى دمار كبير وحرائق واسعة، علمًا أنّ إسرائيل كانت إستهدفت أيضًا مواقع عسكريّة سوريّة في ريف حمص وسط سوريا في 17 آذار الماضي، وإستهدفت بين هذين التاريخين مواقع عسكريّة في الجولان بقصف مُركّز! فما هي المعلومات بشأن الضربة الأخيرة، وهل ستلجأ سوريا إلى الردّ هذه المرّة، بعد إطلاق الكثير من التهديدات في السابق من دون تنفيذ أيّ منها؟.
بحسب الرواية السورية فإنّ الضربة الإسرائيلية الجديدة، جاءت من "داخل الأراضي المُحتلة" ونتج منها
"بعض الخسائر المادية" وهي تأتي "كمحاولة يائسة لرفع مَعنويات المجموعات الإرهابيّة التي تنهار"... لكن وبعيدًا عن كلام الإعلام السوري المُوَجَّه، عُلم أنّ الصواريخ الإسرائيلية التي عجزت منظومة الدفاع السورية عن رصدها وإعتراضها في الجوّ، إستهدفت مُستودعات كبيرة تقع في الإمتداد الجغرافي لمطار دمشق، وتحديدًا إلى الجهة الجنوبيّة-الغربيّة للمطار، مُخصّصة لتخزين شُحنات الأسلحة التي تنقل جوّاً عبر طائرات شحن كبيرة في إطار الجسر الجوي المفتوح بين طهران ودمشق. وقد درجت العادة على تخزين الأسلحة والذخائر المُستوردة من إيران لبضعة أيّام على الأكثر في مستودعات المطار المذكورة، قبل نقلها إلى مواقع قتالية وجبهات مُختلفة، وإلى جماعات مُسلّحة تُؤازر النظام السوري في معاركه الداخليّة، وفي طليعتها "حزب الله". وكان لافتًا عدم إعتراض منظومة الدفاع الروسيّة المتطوّرة لهذه الصواريخ، بغضّ النظر أكانت قد أطلقت من طائرات حربيّة أو من مَنصّات صواريخ أرض-أرض بعيدة المدى، حيث إكتفت موسكو بإصدار بيان دان الحادث، في دليل جديد على الإتفاق الروسي-الإسرائيلي من تحت الطاولة، بفصل معركة إسرائيل مع ما يُعرف بإسم "محور المقاومة والمُمانعة"، عن معركة روسيا إلى جانب النظام السوري ضُدّ الجماعات المُسلّحة التي تُحاول إسقاطه، والتي تصفها موسكو ودمشق بالإرهابيّة. وبغض النظر عن حجم كل من الإصابات البشريّة والأضرار المادية التي لا بُد وأن تكون قد وقعت في المَوقع المُستهدف بالإعتداء الإسرائيلي الجديد، أكّد أكثر من مصدر أنّ الضربة الإسرائيليّة تندرج ضُمن قرار مُتخذ على أعلى المُستويات السياسيّة الإسرائيليّة بمُهاجمة أي شُحنات صواريخ بعيدة المدى مُرسلة إلى "حزب الله"، ما أن تسنح الفرصة لذلك، وما أن ترصد التقارير الإستخباريّة وُجودها.
لكن في المُقابل، وبحسب المعلومات المُتوفّرة أيضًا، فإنّ "حزب الله" وكل من سوريا وإيران من خلفه، لن يغضّوا الطرف هذه المرّة عن الضربة الجديدة، ليس بسبب موقعها وحجمها وفعاليّتها والتي تجاوزت كل الخطوط الحمراء فحسب، بل أيضًا بهدف منع إسرائيل من إسقاط مُعادلة التوازن في الضربات التي كان "حزب الله" قد حاول ترسيخها خلال السنوات الأخيرة، قبل أن تُسقطها إسرائيل بسلسلة من الضربات الأمنيّة التي بقيت من دون أي ردّ يُذكر.
وعُلم أنّ تحضيرات كبيرة تجري للقيام بردّ عسكري مدروس ضُد أهداف عسكريّة في الجولان السوري المُحتلّ، من دون أن يتم بطبيعة الحال الكشف عن حجمه ولا عن طبيعته، ولا حتى عن توقيته، ولوّ أن التقديرات تتحدّث عن أيام قليلة وربّما عن ساعات فقط للتنفيذ في حال سنحت الفرصة لذلك، حيث أنّ "الضوء الأخضر" للتنفيذ صدر، وإنتقل الأمر من المُستوى السياسي المُقرّر إلى المُستوى العسكري الميداني المُنفّذ!.
وفي الإنتظار، لا شكّ أنّ التحضيرات العسكرية المُتقابلة بين القوّات الإسرائيلية، و"حزب الله" ومن خلفه الجيش السوري والوحدات الإيرانيّة، تتواصل بوتيرة كثيفة على طول الحدود المُشتركة بين لبنان وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وما الضربات الإسرائيلية المُتكرّرة والردود العسكريّة المحدودة عليها بين الحين والآخر، سوى نماذج مُصغّرة عن المعركة الشاملة المُقبلة والتي لم يحن موعدها بعد، وإن كانت الضربات المُتكرّرة والردود عليها تُمثّل لعبًا على شفير الهاوية نحوها!.