تحدثت المعلومات، يوم أمس، عن أن القوات التركية بدأت بتكثيف حشودها العسكرية بالقرب من الحدود السوريّة، قبالة مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، فيما بدا أنه تمهيد لاقتحامها، بينما أشارت معلومات أخرى إلى أن الجيش التركي أزال الجدار الفاصل مع المناطق التي تسيطر عليها "الوحدات الكردية" في قرى حدودية في مدينة الحسكة، مستقدمًا تعزيزات عسكرية إلى جانب قصف مدفعي متبادل بين الجانبين.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام قليلة من إستهداف المقاتلات التركية مواقع لحزب "العمال الكردستاني"، في العراق وسوريا في 25 نيسان الجاري، ما خلّف عشرات القتلى من عناصر الحزب، و"وحدات حماية الشعب" الكردية، بينما كانت "قوات سوريا الديمقراطية" أعلنت عن إرسال الولايات المتحدة لعددٍ من الدبابات والأسلحة الثقيلة لها، مشيرة إلى أنها ستستخدم في معركة الرقة، إلا أنها هددت في المقابل بأنها ستضطر إلى إيقاف عملية تحرير الرقة بحال إستمرار الهجوم التركي للدفاع عن مناطقها.
في هذا السياق، تؤكد مصادر مطّلعة على هذا الملف، عبر "النشرة"، أن الخطوات التركية الأخيرة تحرج الإدارة الأميركية، نظراً إلى أن أنقرة تستهدف اليوم قوات مدعومة من جانب التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، في حين أن الأخيرة كانت قد قدمت ضمانات إلى "سوريا الديمقراطية" في السابق لتأمين مشاركتها في عملية الرقة، وتشير إلى أن هذا الأمر سيكون له بلا أدنى شك تداعيات خطيرة على مسار هذه العملية التي تريد الإدارة الأميركية الإنتهاء منها في وقت قريب.
وتلفت هذه المصادر إلى أن قوات التحالف الدولي، التي تبلّغت رسمياً بالقرار الكردي بتعليق المشاركة في تحرير الرقة في حال إستمرار الهجوم التركي، هي في طور عقد مباحثات مع أنقرة لمعالجة هذه الأزمة، مع العلم أن الرئيس رجب طيب أردوغان كان قد أعلن في أكثر من مناسبة الإستعداد للمشاركة في هذه العملية عبر فصائل من المعارضة السورية مدعومة من قبله.
على هذا الصعيد، يؤكد رئيس المكتب السياسي في "لواء المعتصم" مصطفى سيجري (أحد الفصائل المشاركة في عملية درع الفرات)، في حديث لـ"النشرة"، أن ليس هناك من قرار رسمي لإطلاق عملية عسكرية ضد قوات "سوريا الديمقراطية" حتى الآن، ويوضح أن ما يحصل هو مجرد رد من الجانب التركي على مصادر النيران التي تطلق باتجاه الأراضي التركية.
ويكشف سيجري أن الفصائل التي كانت تشارك في "درع الفرات" هي في طور التحضير لعملية جديدة ستنطلق في وقت قريب تحت مسمّى آخر، لكنه يرفض الكشف في هذه المرحلة عن مسرحها، ويلفت إلى أن التعاون مع التحالف الدولي قائم من خلال الجانب التركي.
في الجانب المقابل، تؤكد مصادر كردية، عبر "النشرة"، أن القوات التركية تقصف من الشمال الشرقي حتى الشمال الغربي، وتستغرب صمت واشنطن من الناحية العملية حول هذه التطورات، وتشير إلى أن الإستنكار أو التعبير عن القلق لم يعد يكفي، لا سيما أن أردوغان لديه فكرة واضحة مما يحصل، تتعلق بوقف عملية تحرير الرقة قبل موعد لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتضيف: "أنقرة تريد أن تضغط للمشاركة في هذه العملية، وهذا الأمر غير وارد بالنسبة لنا".
في المحصلة، بانتظار موقف واضح وصارم من الإدارة الأميركية، يبدو أن حلفاء واشنطن في سوريا يقتربون أكثر من المواجهة، الأمر الذي سيكون له تداعيات على خططها على هذه الساحة.