"دوران، تقيؤ، رجفة"، هذه العوارض التي سبّبتها إحدى ألعاب مدينة الملاهي للطفل جاد (اسم مستعار) ذات الـ13 عاماً. جاد أتى مع اصدقائه برحلة مدرسيّة بهدف اللهو في عطلة نهاية الأسبوع، لكن فرحه تحول إلى معاناة، فمدن الملاهي هي المكان الذي يحلم بزيارته كل طفل، لكن هل من قيود تحدّد عمرا معينا ليستطيع الطفل اللعب بهذه اللعبة او تلك؟.
"هذه اللعبة متاحة لجميع الاعمار"، يجيب احد العاملين في اكبر مدن الملاهي في جبل لبنان، بعد سؤالنا عن وجود عمر محدد للعبة الـ"pirate" التي تتأرجح بشكل سريع وفجائي، ويوضح ان لعبة الـ"sky drop" ، أي اللعبة التي ترتفع لأمتار غير قليلة وتنخفض بسرعة، أنه لا يمكن لمن يقل طوله عن 120 سنتمترا، ولا لمن لم يتجاوز التّسع سنوات المشاركة فيها".
للتأكد مما سبق، اتجهنا نحو مسؤول رفيع في مدينة الملاهي نسأله عن سياسة الامان والسلامة، فكان الجواب المباشر ان "لا اعمار محدّدة لكي يلعب الطفل بالالعاب ما عدا لعبة واحدة"، مشيرا الى ان هناك تأمين لكل الالعاب في حال وقوع اي حادث مع الزوار.
في هذا السياق، يشدد نائب رئيس جمعية "لاسا" (اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية) فيكتور عبود في حديث لـ"النشرة"، على ان "من الضروري ان يكون هناك رقابة على مدن الملاهي من قبل المسؤولين عنها أولا، من الجهات الرسمية المعنية، ومن الاهل"، ويضيف ان "المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأهل لأن عليهم معرفة مدى خطورة اللعبة التي يختارها الطفل وما اذا كانت مناسبة لعمره".
ويشير عبود الى اهمية الحفاظ على سلامة الآلات ومراقبتها يوميا او اسبوعيا على الاقل، ويلفت الى ان الجهة الرسمية المختصة في مراقبة مدن الملاهي غير محددة عبر القوانين، الا أن الرُخص تؤخذ من البلديات. ويوضح عبود: "يشترط على مدن الملاهي التمتع بصفات معينة لتحصل على تراخيص، كذلك يجب على كل لعبة امتلاك دفتر شروط خاص بها".
وعن سلامة الألعاب، يشدّد عبود على ان من الضروري تواجد شخص ملمّ على كل لعبة ولو بنسبة ضئيلة بمفهوم المسموح وغير المسموح فيه، ويلفت الى ان وضع مدن الملاهي في لبنان جيّد، الا انها تصبح أقل جودة وسلامة خلال فترات الاعياد حيث يكثر عدد روادها ويصبح الضغط أكبر على العاملين وعلى الالعاب.
بدورها، تحذر مصادر طبية عبر "النشرة"، من مخاطر ارتياد الاطفال للالعاب التي تكون حركاتها مفاجئة والتي تسبب جلطات دماغية، واصابات في القلب وفي شبكية العين، وتشير الى ان سرعة الالعاب تصيب دماغ الانسان حيث تبرز عليه عوارض الصدمة والارتجاج والنزيف، لافتة النظر الى ازدياد سرعة ضربات القلب التي يمكن أن تسبب أزمة. وتضيف المصادر الطبية بأن الأطفال أكثر عرضة للإصابات الدماغية من غيرهم عند ارتيادهم بعض العاب مدن الملاهي، بخاصة تلك التي تحتوي على حركات "فُجائية"، وتوضح انها قد تصيب الأطفال بجروح في الدماغ او رضوض في الرقبة نتيجة السرعة المرتفعة والتغيرات في الاتجاهات.
عبارة "دخيلك يا أمي" لن تغادر عقل من يسمعها من طفل أراد تذوق طعم "اللهو" فذاق "المرارة". هي عملية دمج الخوف بالفرح في ظل غياب الرقابة الثلاثية "الدولة، المسؤولون عن مدينة الملاهي وذوي الطفل"، فهل يبقى مسموحا لأمر يهدد صحة وسلامة الأطفال ان يبقى "طائرا في الهواء" بلا رقابة؟.