لم يتطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اطلالته الأخيرة يوم الثلاثاء، وبعكس ما رجّح كثيرون، للعلاقة مع "التيار الوطني الحر" لجهة التأكيد على ثباتها في وجه عواصف قانون الانتخاب. ولعل القفز فوق الموضوع، بحد ذاته رسالة كبيرة سيكون على رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل قراءة أبعادها، الى جانب رسائل أخرى جاءت بمعظمها غير مباشرة في سياق خطاب نصرالله.
وقد يكون التأكيد على تمسك الحزب بمبدأ التوافق، أبرز وأوضح هذه الرسائل التي أتت مباشرة بعيد دعوة باسيل خلال اجتماع تكتل التغيير والاصلاح لاعتماد التصويت في مجلس الوزراء، ما أطاح تلقائيا بأي محاولة من هذا نوع وقذف الأزمة أياما وأسابيع الى الأمام في ظل غياب اي حراك يُعوّل عليه لاحداث خرق منتظر، وقرار معظم القوى الاكتفاء بمشاريع القوانين المطروحة والتوقف عن وضع أوراق و"أرانب" (على حد تعبير نصرالله) وأفكار جديدة على طاولة البحث.
ولعل تحديد باسيل 19 حزيران المقبل مهلة نهائية للاتفاق، أفرغ موعد 15 أيار المقبل من كل ما سبق أن حُمّل به، لتتحول اللعبة بوضوح الى رقص غير مسبوق على حافة الهاوية، المتمثلة حاليا بالفراغ البرلماني. وفي هذا السياق، تصف مصادر مقربة من حزب الله مضمون خطاب نصرالله بـ"الخطير الذي في حال لم يتم تلقفه قد يعني الدخول في متاهة تؤدي لهزات شتى، اعتقد البعض أنّها قد تأتي من بوابة الجنوب، فاذا بها تخرج من الداخل اللبناني نفسه". وتشير المصادر الى ان الأمين العام للحزب "وضع الأمور بنصابها من دون أن يسميها، لجهة تحديد مكمن الأزمة لدى المسيحيين والدروز، فالصراع اليوم ليس كما يحاول البعض تظهيره بين ثنائي شيعي وآخر مسيحي بل هو حقيقة صراع ماروني–درزي، يسعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتطويقه من خلال تبنّيه مطالب جنبلاط وتوليه شخصيا التفاوض باسمه". وتضيف المصادر: "السيد نصرالله قالها بوضوح، الشيعة والسنة مرتاحون تماما لأي قانون يتم الاتفاق عليه، لكن الهواجس لدى الدروز والمسيحيين المدعوون للاتفاق، على ان نتلقف الصيغة التي يتوصلون اليها، مهما كانت".
وبدا لافتا في خطاب نصرالله، بحسب المصادر نفسها، أنّه لم يعلن تمسكه بالنسبية الكاملة كما كان يتوقع القسم الأكبر من جمهوره، "لا بل ارتأى لعب دور الاطفائي كونه يعلم تماما مدى دقة المرحلة وحراجتها وبأنّها لا تحتمل صب المزيد من الزيت على النار، ومن هنا كانت اشارته أكثر من مرة لتعاطي بعض القوى مع ملف الانتخابات وكأنّه معركة حياة او موت".
وتشدد المصادر على ان أبرز رسائل نصرالله المبطنة لباسيل، والتي تُفهم بعدم تطرقه بشكل مباشر للعلاقة مع التيار الوطني الحر وقيادته، هي "امتعاضه من الخطاب الذي ينتهجه منذ فترة ويرى فيه الحزب أبعادا طائفية لا تناسب المرحلة الحالية على الاطلاق".
بالمحصلة، قد تكون المواقف التي أطلقها نصرالله وباسيل على حد سواء في الساعات الماضية، تثبّت واقع أن الأزمة كبيرة، وأن الحلول حتى الساعة مفقودة، والمطلوب البحث مجددا في الأوراق التي على الطاولة لتفادي الانزلاق الى مجهول قادم لا محال بعد التاسع عشر من شهر حزيران المقبل.