تلتقي وفود من الدولة السورية والمعارضة في آستانا، برعاية اقليمية ودولية وذلك لبحث إمكانية تثبيت وقف اطلاق النار، ولمناقشة مبادرة تقدم بها الروس تفضي الى إنشاء 4 "مناطق تهدئة" تهدف الى وقف التصعيد، وتفترض حظر الطيران الجوي السوري فيها، على أن يكون الاتحاد الروسي وجمهورية تركيا وجمهورية إيران الإسلامية ضامنون لمراعاة نظام وقف إطلاق النار في الجمهورية العربية السورية.
أما المناطق المشار اليها، والتي ستكون مناطق آمنة، فهي محافظة إدلب، ريف حمص الشمالي، الغوطة الشرقية، ومناطق في جنوب سوريا.
وبرعاية القوى الضامنة، سوف يكون هناك منع استخدام أي نوع من أنواع الأسلحة، وعودة الحياة المدنية، وتأمين استعادة المرافق الحيوية، وتأمين البنى التحتية، وغيرها من أدوات دعم الحياة، اي قابلية تلك المناطق للعيش المدني.
ومن النقاط الهامة في المبادرة، تهيئة ظروف العودة الآمنة والطوعية للاجئين، وعمل هيئات الحكم المحلي.
وستقوم كل من الحكومة السورية، ومجموعات المعارضة المسلحة، بمهام التفتيش والمراقبة على حدود تلك المناطق، في المناطق الفاصلة، وستنتشر قوات فصل عسكرية (مراقبة) من الدول المعنية، لمراقبة الامتثال لوقف اطلاق النار.
تقوم كل من الحكومة والمعارضة بالقتال ضد تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات المسلحة التي لا تقبل التسوية ولا تلتزم بوقف اطلاق النار.
وبالرغم من موافقة الحكومة السورية على هذه المناطق، واعلان المجموعات المسلحة المتواجدة في أستانا، قبولها بتلك المناطق "بشكل مؤقت" لئلا تؤدي في النهاية الى تقسيم سوريا، فإن هذه المبادرة قد تحتوي على نقاط ايجابية ونقاط سلبية، نذكر منها ما يلي:
1- إن مناطق التهدئة المشار اليها، قد تكون هي نفسها المناطق الآمنة التي نادى بها كل من أردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع تبدل التسمية فقط.
2- أن فرض حظر الطيران فوق تلك المناطق، ووجود مناطق فصل تتواجد على حدودها قوى تفتيش تضم كل من الجيش السوري والمعارضة المسلحة، يعني أن تلك المناطق عمليًا خرجت من سيطرة وسيادة الدولة السورية. ولنا في النموذج العراقي خير شاهد، حيث تمتعت المناطق الكردية بحكم ذاتي خلال عهد صدام حسين بعدما استطاع الأميركيون عبر مجلس الأمن من فرض مناطق حظر طيران فوق تلك المناطق.
3- تقوم المبادرة على إعادة سبل الحياة الكاملة الى المناطق التي تسيطر المعارضة المسلحة، بعدما عجزت المنظمات الاوروبية عن القيام بهذه المهمة وتحقيق ما يشبه هيكلية "دولة" فيها، وبعدما قام الجيش السوري ولمدة سنوات عدة بمنع إمكانية الحياة في تلك المناطق لئلا تخرج من كنف الدولة السورية، ولئلا يستقر فيها المسلحون واقتطاع أجزاء من الأراضي السورية وتأمين حياة فيها بحيث تخرج من السيادة السورية الفعلية.
4- قد يكون لهذه المبادرة ايجابيات لناحية عودة المهجرين واللاجئين، وهو ما يريده المجتمع الدولي باعتبار أن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية للاجئين السوريين باتت تثقل كاهل المجتمعات المضيفة، علمًا أن المنظمات الانسانية تبرر عدم عودة اللاجئين بأنهم يخشون العودة الى مناطق النظام قبل الحل السياسي النهائي، وعليه، فإن هؤلاء سيكون أمامهم خيار العودة الى مناطق المعارضة في حال كان ادعاؤهم صحيحًا.
5- إن الوضع المؤقت هذه المناطق، وإنشاء قوات فصل عسكرية داخلية، ورقابية دولية، تشير الى أن هذه المناطق إن تحقق تأسيسها بشكل جدّي، ولم تعمل التباينات الاقليمية بين الدول الراعية للمجموعات المسلحة في إفشال هذا المشروع واجهاضه، قد تكون مقدمة لتقسيم مؤقت لسوريا، لا يُعرف مداه، ولا يُعرف متى تعود الى حضن الدولة السورية بعدما يكون الحكم قد استقر للمسلحين وعادت الحياة بشكل طبيعي الى تلك المناطق، فما الذي سيقنعهم بالتخلي عن مكاسبهم والعودة الى حضن الدولة؟