متنفَّس وواعد وجامع هكذا وصف أحد الدبلوماسيين اللبنانيين مؤتمر الطاقة الإغترابية المنعقد في بيروت.
ويوضح ثلاثيته فيقول:
المؤتمر متنفَّس لأنَّه أتاح التواصل مع ألفيَ شخصية اغترابية من أميركا الشمالية وأميركا اللاتينية وأوستراليا وأوروبا وأفريقيا، وهذه ظاهرة وتظاهرة قلَّ نظيرها، فليس قليلاً في بلدٍ يئنُّ من كلِّ شيء ويحتاج إلى كلِّ شيء، أن يجمع ألفيْ شخصية اغترابية للبحث في كيفية تقديم الأوكسيجين الإغترابي للمقيمين، وللبحث في كيفية تقديم وتسريع الجنسية اللبنانية لمن يريد من المغتربين.
والمؤتمر واعدٌ لأنَّه يتيح الأمل في الإفادة من طاقات المغتربين ولا سيَّما منهم الذين يريدون توسيع استثماراتهم لتصل إلى لبنان. كثيرون منهم لديهم استثمارات كبرى في أوطانهم الثانية والمحادثات جارية معهم أن يتلفَّتوا إلى وطنهم الأول من أجل أن تشمله رعايتهم الإستثمارية.
والمؤتمر جامعٌ لكلِّ الطاقات الإغترابية من كلِّ المشارب والطوائف والمذاهب والقارات، وهذه الميزة هي نادرة وهي تعطي أمثولة إلى الجميع مفادها أنَّ اللبنانيين سواء أكانوا مقيمين أم مغتربين فلا غنى عن بعضهم البعض.
المؤتمر الذي حمل عنوان طريق العودة إلى الجذور، أرفق القول بالفعل فشهد توقيع مراسيم استعادة لبنانيين منتشرين لجنسيتهم اللبنانية، وهذه الإستعادة تمت بعدما استوفيت كلَّ شروط الملفات، ويمكن اعتبار الرابع من ايار 2017 تاريخ بدء استعادة الجنسية بعد ربع قرنٍ من المحاولات الدؤوبة ولكن غير الموفَّقة.
وما يدعو إلى الإعتزاز بمغتربينا أنَّ وفد مغتربي البرازيل ناهز ال 400 مغترب من أرفع المستويات، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب البرازيلي من أصل لبناني، وشخصيات من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. إنَّ كلَّ ما تحقق في مؤتمر الطاقة الإغترابية يُحسَب لوزير الخارجية الديناميكي جبران باسيل، الذي يضع نصب عينيه الإهتمام بلبنان المغترب بقدر اهتمامه بلبنان المقيم.
ليس قليلاً أن يحتضن لبنان، في ظروفه الحالية القاسية وفوداً من 99 دولة في العالم، وليس قليلاً، على سبيل المثال لا الحصر أن تكون هناك وفودٌ بلغ حجمها مئتي شخصية، كالوفد المكسيكي مثلاً.
التنوع كان مثال الحضور، وزراء ونواب من أصل لبناني في دولهم، شخصيات إعلامية فاق عددها السبعين شخصية، شخصيات طبية فاق عددها الألف طبيب، رجال أعمال، صناعيون، مصرفيون، أكاديميون، ما جعل من المؤتمر أكبر تظاهرة اغترابية يشهدها لبنان في تاريخه.
وليس خافياً على أحد أنَّ حركة المؤتمر ساهمت في حيوية استثمارية وسياحية، حيث أنَّ الفنادق والمطاعم شهدت حركة استثنائية، ولو أنَّ توقيت المؤتمر جاء على أبواب موسم الصيف، لكان البعض من المشاركين قد أمضى بعض أيام الإصطياف في لبنان، ولكن مع ذلك فإنَّ الإزدحام الذي تحقق أعطى صورة بهية عن لبنان، على رغم ما يصيبه من ويلات النزوح والإنعكاسات السلبية للنيران المشتعلة من حوله.
لكن الإغتراب ليس كله أحلاماً وردية، ولبنان المقيم ليس كله طرق معبَّدة، للبنانيي الإغتراب مشاكل وهموم، وللبنانيي الداخل مشاكل وهموم، فهل بالإمكان جمع الجهود؟
لبنان المقيم بحاجة إلى مغتربيه من أجل تحسين صورة لبنان في الخارج، هذه الصورة التي شهدت اهتزازاً وتصدعاً، وليس أدل على ذلك من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة الأميركية في حقِّ مجموعات أو أفراد لبنانيين، تحت طائلة العقوبات، فما هو العمل المشترك بين لبنان المقيم ولبنان المغترب الذي يبدو أنَّه قادر على التخفيف من وطأة ما يُحضَّر للوطن الصغير؟