استعادة الجنسية لـ7 او 8 ملايين لبناني من الطوائف والمذاهب كافة هي خطوة ضرورية وهامة على ان تكون مترافقة مع خطوات لاستعادة لبنانيي الداخل هويتهم الحقيقية وتعزيز انتمائهم الى دولة لا يشعرون فيها بالغربة والوحشة. ومعلوم ان هذه الهجرة بدأت منذ احداث الجبل في العام 1860 الى الاحتلال العثماني ومجازره الوحشية الى الحرب العالمية الاولى الى الانتداب الفرنسي واحتلاله لبنان ايضاً الى الاستقلال غير الناجز بفعل الاحتلال الصهيوني لقرى لبنانية بعد اغتصاب فلسطين في العام 1948 الى الشريط الحدودي في العام 1978 وتوسع الاحتلال والاجتياحات والاعتداءات الصهونية.
منذ عامين ينشط وزير الخارجية الحالي جبران باسيل على خط هذا الملف ولم يترك مكاناً في عالم الاغتراب وطأته اقدام اللبنانيين وحلوا فيه الا وزاره وعلى حساب الدولة اللبنانية وطبعاً ليس من جيبه الخاص. ويقال ان منذ تولي العماد ميشال عون سدة الرئاسة منذ 6 اشهر صرف بعض المسؤولين اللبنانيين ما يقارب الـ7 مليارات ليرة على سفراتهم وجولاتهم منها ما هو ضروري ومنها ما هو حفلة علاقات عامة او ترويج لشعار "اللبننة".
من الخطأ التمييز بين المغتربين على اساس طائفي او مذهبي فليس هناك من احصاء دقيق يؤكد مذهبية وطائفية المغتربين وليس صحيحاً ان تجنيس ما يقارب الـ7 ملايين لبناني اذا هم ارادوا ذلك في الاصل يخل بالتوازنات الديموغرافية في لبنان و"يخربط" التوازن الطائفي في المقيمين. فمهما كبر عدد المسلمين بطوائفهم او مذاهبم الاربعة السنة والشيعة والدروز والعلويين، وايضاً مهما كبر عدد المسيحيين من الموارنة او الكاثوليك او الاقليات لا يمكن القول ان التوازن السياسي سيختل وهو على دقته لا يمكن المس به. فزمن العد الطائفي انتهى وزمن التمييز بين اللبنانيين على اساس طائفي ومذهبي وعرقي وديني ليس وارداً او مسموحاً. اما المزايدة في هذا الملف او حمله كقميص عثمان والجولة به في انحاء العالم والصراخ بصوت عال فيه ليس الا مجرد علك للهواء ولن يقدم او يؤخر.
ويقال وكما يردد من عاصروا حقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ العام 1992 انه سعى الى تجنيس ما يقارب 400 الف الى 500 الف من الطائفة السنية الكريمة من جنسيات فلسطينية وسورية كما جنس العديد من عرب المسلخ والعشائر العربية او من مكتومي القيد لانهم سنّة فقط ولتكبير عدد مناصريه في الانتخابات النيابية وهذا ما كان يحصل في كل الاستحقاقات
وخصوصاً في العام 2000 عندما اقصى كل حلفاء سورية في بيروت او المحسوبين عليها في العاصمة من السنة والمسيحيين.
هذا الملف وقبل انتخابات العام 2005 وبعدها وصولاً الى العام 2009 وانتخاباته استخدمه "التيار الوطني الحر" للهجوم على الحريرية السياسية وعلى النائب بهية الحريري ومشاريع كفرفالوس وغيرها في منطقة جزين.
وعلى غرار "الابراء المستحيل" يموت هذا الملف في ادبيات التيار الباسيلي ويستخدم نفسه في عملية اقصاء المسيحيين خارج التيار الوطني الحر او القوات اللبنانية بدرجة اقل. ملف تجنيس اللبنانيين المغتربين على اهميته لا يجب ان ينفصل عن مشروع توأمة حقيقية بين لبنان المقيم والمغترب فلا يعقل ان تصرف مليارات الليرات اللبنانية على مؤتمرات اغترابية كل عام وهناك آلاف اللبنانيين بلا فرص عمل وبلا طبابة وبلا تعليم وبلا لقمة عيش كريمة وهناك آلاف المشردين والمنكوبين والمتسولين في بلادهم التي تدعي التقصير مع الاغتراب بطوائفه كافة ومذاهبه المتعددة. فلمن يترك لبنانيو الداخل الا لقدرهم في طبقة سياسية لا تفكر الا بمصالحها وببقاء عروشها وبالغاء كل منافس لها حتى داخل بيوتاتها الحزبية والعائلية. ولا تطمح الا الى استنساخ نفسها لتبقى في السلطة وفي مجلس النواب والحكومة والحياة السياسية اللبنانية.
اما بالنسبة للجنسية اللبنانية التي بدأت تمنح للمغتربين فهناك اكثر من 400 الف لبناني من مهجري القرى السبع اللبنانية والتي احتلها العدو الصهيوني وقبل العام 1967 وسطا عليها ولم يحرك احد من اهل السلطة المتعاقبة ساكناً. فاهلها وساكنوها الاصليون والمهجرون لبنانيون منذ اكثر من 100 عام وحتى اليوم لم يمنحوا حقوقهم.
في المقابل هناك عشرات الآلاف من العائلات اللبنانية سيداتها متزوجات من اجانب وعرب سوريين ومصريين وفلسطينيين وجزائريين واردنيين فلماذا لا يمنحن جنسياتهن لابنائهن المقيمين مع ابائهم على الاراضي اللبنانيين منذ اكثر من 10 اعوام فلماذا لا تكون العصرنة وحقوق الانسان الا في التبعية للبنك الدولي وقوانين تبييض الاموال ومكافحة الاتجار بالبشر وعلوم الآثار والصيد والبيئة والرفق بالحيوان. فالى متى هذه المهزلة والمتاجرة باللبنانيين وارواحهم وممتلكاتهم واستخدامهم في "حروبنا الصغيرة" لالغاء الآخرين او للسطو على حقوق الناس وتمثيلهم والاستثمار في اصواتهم على بعد بضعة اشهر من الانتخابات المؤجلة؟