يقترب الرئيس سعد الحريري من تحقيق حلم العهد. يقف على عتبة قصر بعبدا بوجهٍ بشوش قبل أن يدخل الى إحدى قاعاته ليسرّ الى رئيس الجمهورية انتصار النسبية. الجميع في حال ترقّب ولو أن بعضهم ما زالوا غير مقتنعين سوى بظفر “الستين” في نهاية النهار.
ستّة أيام قد لا تكون فاصلة فعليًا متى تم التسليم بأن المهلة متاحة حتى حزيران لوضع اللمسات الأخيرة على القانون المنتظر، ناهيك عن التأجيل التقني الذي بات حتميًا مع “الستين” ونقيضه.
أحلامٌ... وهواجس
يبدو أن الرئيس الحريري يحمل بشرى سارّة للبنانيين قد يعلنها من قصر بعبدا بعد أيام، أو قد تتسرب اليهم من اجتماع اللجنة المكلفة دراسة قانون الانتخاب. وفي هذا المجال علمت “البلد” أن “الصيغة التي سيطرحها الحريري مندرجة تحت خانة “توافقية” بحيث استطاع من خلالها دغدغة أحلام الجميع ومراعاة هواجسهم، على أن ينتهي الحديث في القانون التأهيلي الذي ما زال رئيس التيار الوزير جبران باسيل يرى فيه “نوًى”، مقابل الارتقاء بالنسبية الكاملة على أساس دوائر متوسطة الى مصاف الصيغ الجدية القابلة للتطبيق مع ترحيب وابتسامات وغبطة من الجميع تقريبًا.
ثلاثة أسئلة مشروعة
صحيحٌ أن البشرى قد تكون أقرب مما يتوقعها بعضهم، ولكنها تبقى مذيّلة بثلاثة أسئلة مشروعة: متى الانتخابات؟ ماذا عن الصوت التفضيلي؟ وماذا عن جلسة 15 أيار؟ بالنسبة الى التساؤل الأول تتأرجح المعطيات المتسرّبة من بعض الدور السياسية بين أيلول وتشرين الأول وتحديدًا الثامن منه، على أن تكون مهلة ثلاثة أشهر كافية لترتيب شؤون البيوت الداخلية، ولشرح القانون وآلياته لرؤساء الأقلام وكوادر وزارة الداخلية، قبيل الانتقال الى المرحلة الأكثر جوهريةً وهي شرح القانون بتفاصيله للبنانيين لا سيما على مستوى اللوائح والصوت التفضيلي. وبالحديث عن هذا الصوت الذي يشكل محور التساؤل الثاني، فإن أكثر الهواجس ترتبط به لناحية تعقيده من جهة، وإخلاله بميزان تمثيل بعض الكتل من جهة أخرى، وهو ما سيحاول الحريري تبديده أيضًا. أما في يتعلق بجلسة 15 أيار فسيناريوهان لا ثالث لهما في انتظارها: إما التأجيل في ظلّ غياب المكوّنات المسيحية الثلاثة الرئيسة وتضامن تيار المستقبل معها، وإما أن تتحول الى جلسة تشريعية عادية من دون أن يكون قانون الانتخاب بطلها.
لقاءٌ سرّي؟
يكثر الهمس والغمز في اللقاءات والمناسبات الاجتماعية الثقافية والتي لا تغيب عنها السياسة. ففي لقاء أخير في قصر بعبدا كان التضارب في الآراء سيّد الموقف حتى في أوساط التيار الوطني الحر نفسه. فمن جهةٍ يبدي أحد النواب البرتقاليين تشاؤمه إزاء فرضية الولوج الى قانون جديد في هذا الوقت القصير، غامزًا من قناة العودة الى “الستين” مع بعض التلطيفات التي تندرج تحت خانة “تعديلات” لمن لا يقنعه “تبريج” القانون الساري وينتظر في المقابل تعديلات جذرية، ومن جهةٍ أخرى يشي نائبٌ زميل باقتراب الحلّ وبأن الفرج يطرق الأبواب وبأن الخلاص بات بين يدي رئيس الحكومة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية. وبالحديث عن التنسيق تشير معلومات غير حاسمة لـ”البلد” الى أن “لقاءً سريًا جمع الرئيس عون بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حيث كانت ترتيباتٌ واتفاق على الخروج من الأزمة وعلى القانون النسبي الذي يُعتبر حزب الله أوّل عرابيه وأكثر داعميه شراسةً".
ماء برتقالي عكِر!
قد يحاول بعضهم الاصطياد في ماء التيار العكِر لجهة اتهام التيار البرتقالي ورئيسه بأنهما يجافيان النسبية وغير متصالحين معها، وهو ما نفاه الوزير جبران باسيل في غير مناسبة مؤكدًا أن التيار أول من دعا الى النسبية وأيدها كونها تعكس صحةً التمثيل، بيد أن الاعتراض المسيحي الأساس كان يتمحور حول الدوائر بعدما حاول الرئيس نبيه بري التسويق لقانون نسبي مع لبنان دائرة واحدة، وهو ما زرع في نفوس الأحزاب المسيحية هواجس وتساؤلات عن المشهدية التي سيكون عليها المجلس النيابي والجهة التي ستتولى انتخاب الأكثرية المسيحية على مستوى الدائرة الواحدة حيث قد يذهب بعض المسيحيين “تحت الدعس”. علمًا أنه وخلافًا لما يروّج له كثيرون لن يكون التيار حجرة عثرة كما فعل سواه طوال الأشهر القليلة الفائتة لتفصيل قانون على قياسه، بقدر ما يهمه ان يكون القانون الجديد عادلًا ومنصفًا في حقّ الجميع، لا أن يكون على حساب المسيحيين وحدهم.
ماذا عن «الستين»؟
قد لا يكون مخطئًا أو غريبًا عن هذا العالم من لما يزل مقتنعًا بأن “الستين” هو القانون الظافر في نهاية المطاف، إذ يرسم هؤلاء للأيام المقبلة سيناريوهات عدة أبرزها اعتراض التيار الوطني على القانون التوافقي الآخذ في التبلور، وبالتالي إعادة الأمور الى نقطة الصفر وهو ما قد يعبّد طريق العودة الى قانون الستين خصوصًا أن رئيس الجمهورية ومعه أطرافٌ جمة مقتنعون بأن التمديد لن ينطلي عليهم ولا على الشعب هذه المرة، وبأن الفراغ خيارٌ مرفوض حتى لو أجريت الانتخابات على أساس أي قانون. وفي هذا السيناريو نوعٌ من المبالغة غير المُسقطة من حسابات كثيرين إلا إذا قال رئيس الجمهورية كلمته وجعل موقف التيار الوطني متماهيًا مع ما يعتقده مناسبًا لعهده خصوصًا أن الوقت داهم والضغوط الدولية تطّرد والمسؤولية الشعبية جُلّى.
عبثًا يحاولون...
في المحصّلة، كلّ المعطيات تشي بأن ساعاتٍ قليلة تفصل لبنان عن صيغة هي الأكثر محظوظية للظفر بقلوب الكتل المرهفة. لا مكان لنوايا التمديد بعد اليوم ولا مكانة لها، وهو ما يفضي الى حقيقة اقتناع الجميع، بلا استثناء، بأن الانتخابات ستبصر النور عبثًا يحاول المحاولون!