أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، مطلقًا جملة من المواقف الهامة حول اسرائيل ولبنان والمنطقة، وكان أبرزها ما أعلنه في ما يخص تأمين الحدود اللبنانية من الخطر الارهابي، ومشكلة عرسال والنازحين السوريين فيها.
وتزامن إلقاء الخطاب مع اختراق للخطوط الهاتفية للعلاقات الاعلامية في حزب الله، وإجراء عشرات آلاف الاتصالات بأرقام هواتف المواطنين وإرسال رسائل نصيّة من تلك الخطوط تشهّر بالسيد نصرالله، وتطلق الشتائم بحق المقاومة.
ولعل ما حدث بالأمسمن اختراق لشبكات الاتصالات، وما أعلنه السيد نصرالله يثير الملاحظات التالية:
- إن اختراق خطوط الشبكة الثابتة لأوجيرو، وارسال رسائل وإجراء اتصالات من هواتف حزب الله، يعيدنا بالذكرى الى ما كان قد أعلنه يومًا الوزير شربل نحاس ورئيس لجنة الاتصالات والاعلام النيابية النائب حسن فضل الله عن عمق الاختراق الإسرائيلي وإمكان تعديل داتا المعلومات بكل ما يتعلق بشبكات الهاتف واستباحتها وأن الموساد تمكنّ من زرع خطوط سرية كان يشتريها له عملاؤه داخل خطوط هاتفية لمقاومين. إذًا ما حصل بالأمس، يعيد التأكيد على اختراق الشبكات الهاتفية، ما يعني أن ما قدمه الادعاء في المحكمة الخاصة بلبنان من الادلة المتصلة بشبكة الاتصالات والهواتف وصولا الى يوم تنفيذ الجريمة، وهو ما استند اليه بلمار لبناء القرار الاتهامي ضد"عناصر من حزب الله" ومنهم مصطفى بدر الدين باتت أوهن من قبل، ولن تستطيع المحكمة أن تكمل مسار الحكم استنادًا الى هذا الدليل وحده وإلا فقدت ما تبقى لها من مصداقية قانونية ودولية وشعبية في لبنان.
- إن ما أعلنه السيد نصرالله حول اتمام المهمة على الحدود الشرقية للبنان، وأن الحزب سيسلّم مواقعه للجيش اللبناني الذي سيقوم بمهمة حماية الحدود اللبنانية السورية، يؤشر الى نجاة لبنان نهائيًا من خطر الاقتطاع والتقسيم الذي لطالما سمعناه في بداية الأزمة السورية، حيث هدد التكفيريون والمجموعات المسلحة - أو على الأقل حلموا - بإنشاء إمارتهم الممتدة من سوريا الى ساحل البحر الأبيض المتوسط، معتبرين أن بإمكانهم اختراق الحدود وتهجير اللبنانيين، واقتطاع خط جغرافي يمتد من البقاع الى طرابلس لتأمين منفذ على البحر لإمارتهم الموعودة. ومع تحقيق حزب الله منطقة حماية على الحدود اللبنانية مع سوريا، يكون لبنان بمنأى عن تداعيات المخططات التي ترسم لسوريا والتي تهدف الى تقسيمها الى دويلات طائفية ومذهبية بحكم الأمر الواقع.
- أما الملاحظة الثالثة، فتتعلق بموضوع النازحين الموجودين في عرسال، ودعوة السيد نصرالله للدولة اللبنانية للتفاهم مع الدولة السورية لإعادتهم الى سوريا، وبهذا يكون السيد نصرالله قد وضع المسؤولين اللبنانيين أمام مسؤولياتهم الوطنية، والتي - برأيي الخاص- لن يكونوا على مستوى الآمال لأسباب عدّة أهمها:
أولاً؛ الضغوط الاقليمية والدولية التي تريد أن تبقي هذا الملف عالقًا لابتزاز لبنان في أي مفاوضات مستقبلية،
ثانيًا؛ إبقاء عوامل عدم الاستقرار في الداخل اللبناني ومحاولة خلق عامل ضغط على حزب الله من خلال الايحاء بأن هناك مئات الآلاف من السوريين المتدربين على القتال والذين يمكن أن يشكّلوا ضغطًا عسكريًا داخليًا في حال احتاجت لذلك الدول الكبرى،
ثالثًا؛ المكاسب المادية التي تجنيها المنظمات الدولية من إبقاء اللاجئين في أماكن لجوئهم وعدم عودتهم الى بلادهم.
رابعًا؛ عدم رغبة الحكم في سوريا بعودتهم بدون أن يقبض ثمنًا سياسيًا مقابل تلك العودة، إذ لا شيء مجاني وإذا أراد لبنان أن يتخلص من عبء اللاجئين على المسؤولين فيه أن يقوموا بالتفاهم مع الحكومة السورية وإقامة علاقات طبيعية معها، وهذا ما لا يستطيع تقديمه تيار المستقبل وحلفاء السعودية في لبنان في هذا الوقت بالذات.
في هذا الملف بالذات أي ملف اللجوء السوري في لبنان، وما يحيطه من تحديات للبنان على الصعيد الاقتصادي والأمني والمعيشي والبيئي، يكون السيد نصرالله قد وضعه بيد الدولة اللبنانية، ما يعني أن على اللبنانيين أن ينتظروا أوامر خارجية لحلّه، وهذا لن يتحقق قبل جلاء الحلّ السياسي في سوريا، وهذا لا يُطمئن أبدًا.