كثيرة هي المخالفات القانونية التي إرتكبتها شركة إيدن باي في المشروع التي تنفذه على شاطئ الرملة البيضا، وكبير هو حجم الآمال التي علقها المجتمع المدني والجمعيات البيئية على الجهات الرقابية والقضائية لوقف هذا المشروع-الفضيحة، ووضع حدّ للتمدد العمراني على الشاطئ اللبناني، ولكن من دون أن تكون هذه الآمال في محلها إذ أن النتيجة جاءت مخزية، والمشروع يستكمل أعماله، بعدما عاد مجلس شورى الدولة عن قراريه الشهيرين، الذي سبق له أن اصدرهما لوقف أعمال المشروع تحت طائلة تغريم الشركة المنفّذة في حال خالفت وإستمرت بالأعمال.
وبما أن مخالفات الشركة أخذت حيّزاً كبيراً من الساحة الإعلاميّة خلال الأشهر القليلة الماضية، سنعرض في هذا التقرير بعضاً من مخالفات الجهات الرسمية التي كان من المفترض أن تلعب دورها الرقابي لوقف المشروع لا لتشريعه!.
فالمجلس الاعلى للتنظيم المدني وبقراره رقم 16/ 2005 حدد التراجع عن الأملاك العامة البحرية في المنطقة المحيطة بصخرة الروشة، وفرض تراجعاً جنوب الرملة البيضاء لا يقل عن 25 مترا عن حدود الأملاك البحرية. آنذاك، إتخذ المجلس الأعلى للتنظيم المدني قراره هذا بحضور اعضائه الـ14 آنذاك، ليعود ويؤكد هذا القرار بقرار جديد عام 2012 .
غير أن المجلس الأعلى للتنظيم المدني الذي أصدر القرارين المذكورين أعلاه، هو نفسه الذي عاد ونقضهما عندما وصل ملفّ المشروع السياحي المعروف بـ"إيدن باي" اليه، عندها، إستثنى التنظيم المدني هذا العقار من مسافة التراجع عن الاملاك العامة المذكورة، أيّ 25 متراً، ليصبح التراجع مترين فقط، مبرراً قراره هذا بالمادة 12 من قانون البناء، التي أتت على ذكر التراجعات القانونية كافة باستثناء الأملاك العامة البحرية. وفي تفسير أوسع للمادة 12 من قانون البناء، فقد حدّد نصها التراجع عن جوانب السكك الحديدية، بـ3 امتار، وعن مجاري المياه بـ4.5 أمتار، وعن الأنهر بـ10 أمتار.
الا ان المادة 12 طلبت في البند السابع منها التراجع عن الأملاك العموميّة الأخرى بـ3 أمتار على الأقل خارج حدود مدينة بيروت، ومترين داخلها، وهو البند الذي على أساسه اعطيت الرخصة لمشروع الـ"إيدن باي".
فكيف يكون التراجع عن مجرى مياه شتوي بـ4.5 امتار وعن البحر مترين فقط؟ كيف ينقض المجلس الأعلى للتنظيم المدني قرارات سبق له أن أصدرها بنفسه؟ ولماذا لم يبطل مجلس شورى الدولة قرار المجلس الأعلى للتنظيم المدني كونه سلطة أعلى منه؟ وهل يجوز سؤال أعضاء المجلس الأعلى للتنظيم المدني الذين استندوا الى البند السابع من المادة 12 لتغطية رخصة الـ"إيدن باي"، عن عدم رفضهم التوقيع خصوصاً ان المتضرر هو الشاطئ اللبناني بحد ذاته؟
أسئلة، لا بدّ من طرحها أمام هذا الكمّ من المخالفات والتجاوزات، ومن الضروري وضعها برسم وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد، لفتح التحقيق المطلوب تمهيداً للمحاسبة، بدلا من محاسبة اللبنانيين "المعتّرين" من أجل خيمة على غرار ما فعلت القاضية غادة أبو كرّوم مع المريضة المسنّة خديجة أسعد.