ثلاثة ملفات فلسطينية ساخنة، تستأثر على الاهتمام السياسي والامني في المخيمات، في ظل الازمة اللبنانية المستفحلة والتراشق الاعلامي بين القوى السياسية المختلفة، والبحث عن حلول مرضية في انتاج قانون انتخابي جديد يحقق التمثيل العادل ولا يلغي احدا او يحجمه ويصل بلبنان الى بر الامان، في ظل المخاوف من العقوبات الاميركية المالية المقبلة على لبنان، والتهديدات الاسرائيلية والتطورات العسكرية المتسارعة في سوريا والمنطقة.
أول ملف بهذه الملفات، الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، حيث عاد الى "نقطة الصفر" و"المربع الاول" من "الامن الهش"، يتأرجح بين مساعي "التهدئة" و"التوتير" في اعقاب اقدام "القوة المشتركة" على دخول مركز "سعيد اليوسف" الاجتماعي في "حي الطيرة" في الشارع الفوقاني، وثم الانسحاب منه بعد رفض أهالي المنطقة وبينهم ناشطون اسلاميون ذلك.
خطوة الدخول والخروج السريعة، انعكست بثقلها الأمني على أوضاع المخيم، بعدما تبين أنّ عملية الدخول جاءت بدون تنسيق مسبق مع المرجعية السياسية لـ"القوة الامنية" أي "القيادة السياسية" للفصائل والقوى الفلسطينيّة في منطقة صيدا، فيما الخروج جاء بقرار "فردي" بعد تهديد ورفض، حيث وصفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ما جرى بانه "انتكاسة"، اذ ان الهدف من الانتشار كان بعث رسالة تطمين الى الاهالي، ومن ثم الى ممثلي المؤسسات المحلية ووكالة "الاونروا" لبدء مهامها في بلسمة جراح المتضررين عمليا، فانعكست سلبا في اعادة المخاوف وهاجس القلق من تجدد التوتير بسبب عدم التوافق على اي خطوة او حتى فرضها بالقوة.
ورغم ان القيادة السياسية في منطقة صيدا طوّقت نتائجها، مؤكدة في الوقت نفسه على دعم القوة المشتركة بتنفيذ قراراتها، وعلى ضرورة استكمال الإنتشار للقوة المشتركة وفقا للتنسيق في ما بينهما بهدف تطمين سكّان المخيم، وبان الوضع الامني مستقر ولا يوجد اي توترات امنية، حرص أمين سر "القوى الاسلامية" الشيخ جمال خطاب على تمرير رسالة واضحة، بان اي تموضع جديد او انتشار للقوة سيكون بتوافق واتفاق القيادة السياسية في منطقة صيدا التي تمثل المرجعية السياسية للقوة المشتركة، ما يعني ان التموضع في مركز "سعيد اليوسف" الاجتماعي يحتاج الى مزيد من الوقت والاتصالات واللقاءات لتذليل اي عقبات تعترضه، علما أن عائلة اليوسف (وهم مسؤولو جبهة التحرير الفلسطينية) قد وضعوا المركز دون اي شروط او مقابل او ايجار شهري، كما باقي مراكز القوة المشتركة لحين انتفاء الحاجة، وذلك استجابة للاجماع الفلسطيني.
الاحمد والتغييرات
وثاني هذه الملفات، زيارة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" والمشرف العام على الساحة اللبنانية عزام الاحمد، الى بيروت في غضون اليومين المقبلين، لمتابعة الاوضاع الفلسطينية السياسيّة والامنية في المخيمات وخاصة عين الحلوة، إضافة الى إستكمال ترتيب "البيت الفتحاوي" الداخلي تماشيًا مع متطلبات المرحلة المقبلة.
وستضفي زيارة الأحمد الى بيروت زخمًا اضافيًا، على الحركة السياسية والامنية، اذ ان جدول أعماله حافلا بمواعيد لقاءات لبنانية وفلسطينية وعلى كافة المستويات، والهدف الاساسي إستكمال مناقشة اوضاع المخيمات، وصولا الى ارساء معادلة استقرارها بشكل كامل وقطع الطريق على اي محاولة جديدة لعمليات إغتيال او اقتتال، او إستدراجه أو جره الى آتون معركة بأجندة غير فلسطينية.
على أن الاهم في الجولة، يبقى الاجابة عن التساؤل المطروح منذ الزيارة الماضية التي لم يمضِ عليها أكثر من اسبوع واحد، هل حان وقت التغييرات في بيئة الحركة التي تعتبر "أم الصبي"، أم سيبقى الوضع على ما هو عليه، سيّما وان جزءا كبيرا من مواعيد الاحمد ترؤّس اجتماعات فلسطينية قد تمتد الى القوى الفلسطينية الاخرى بما فيها حركة "حماس".
النكبة والاسرى
وثالث الملفات، احياء المخيمات الذكرى السنوية التاسعة والستين لنكبة فلسطين هذا العام، حيث تواجه تحديات كبيرة من "الأمن الهش" وصولا الى استمرار الحرمان من ابسط حقوق الحياة، وفي ظل معركة "الامعاء الخاوية"، "المي والملح" التي يقودها الاسرى في اسرائيل على أمل الحرية، حيث تتقدم نشاطات النكبة والتضامن معهم على ما عداها من يوميات الناس، فاقيمت نشاطات سياسية وشعبية وثقافية مختلفة في المخيمات كافة، عبّرت عن موقف فلسطيني موحّد على تمسكهم بالارض وحق العودة ورفض التوطين، تزامنا مع حملات التضامن مع الاسرى، اذ ان هذه القضية لا خلاف عليها ولا اختلاف، توحد لا تفرق.
اعتداء واستنكار
الى جانب الملفات الفلسطينية الثلاث، خرقت حادثة الاعتداء على تمثال مزار "مار الياس" في عبرا القديمة الهدوء الامني في مدينة صيدا ومنطقتها، واثارت ضجة في الاوساط السياسية المسيحية والاسلامية، خشية ان تكون مقصودة لإثارة البلبلة والقلاقل في ظل المشاحنات السياسيّة التي يعيشها لبنان مع الاختلاف على انتاج قانون انتخاب جديد يكون عادلا ولا يلغي احدا، فسارعت القوى المراجع والسياسية الوطنية والاسلاميّة الى استنكار الاعتداء والتأكيد على العيش المشترك ونبذ اي تفرقة.
والحادثة التي تمثلت بقيام اربعة اشخاص بتحطيم رأس التمثال ورميه، استدعت استنفار القوى الامنية لكشف الفاعلين، واستنادا الى احدى كاميرات المراقبة التي التقطت صورا لمنفذي الاعتداء، تمكنت دورية لفرع المعلومات في صيدا بعد اقل من 24 ساعة من توقيف ثلاثة لبنانيين هم (ه. د) و(م.أ) (ع.و.ا.ن) والفلسطيني(م.خ) وجميعهم قاصرون، فاعترفوا خلال التحقيق بتحطيم التمثال ولا تزال التحقيقات مستمرة لمعرفة الأسباب التي دفعتهم الى القيام بذلك.