اكثر من ست صيغ لمشاريع قوانين وضعت بالتداول لإيجاد مخرج ملائم للمأزق الذي يهدد البلاد مع اقتراب مهلة انتهاء مدة التمديد لمجلس النواب للمرة الثانية.
يكشف مصدر نيابي لـ«البناء» عن قلق جدّي من مغبة العودة الى قانون الستين من جديد الذي يبدو أن طيفه لا يزال حاضراً في خلفية بعض الاطراف السياسية التي تأخذ على عاتقها ايجاد قانون جديد في حين هي الأكثر ميولاً للعودة اليه. فهذا القانون الذي لم يتم إلغاء العمل فيه باعتباره النافذ حالياً بغياب الاتفاق على بديل لا يزال هو آخر الحلول المقترحة في جلسات وكواليس وبعض النيات، وعن التحالفات السياسية وتأثير مجمل القوانين المطروحة على نتائج الانتخابات وحسابات المقاعد وخصوصيتها، يضيف المصدر. تبدو كل القوانين المطروحة حتى الساعة أقل فائدة لأغلب القوى التي ترى بعين مصلحية مسألة التحالفات وبعضها بعيد المدى. وعلى سبيل المثال يشكل تحالف تيار المستقبل والتيار الوطني الحر أحد أكثر التحالفات القادرة على حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد على قانون الستين بمعزل عن باقي التحالفات التي يشكلها الطرفان. وبالتالي يكون تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحدهما قادرين على جمع عدد كافٍ لاكثرية نيابية في مجلس النواب. وهذا أمر لا يُستهان به، خصوصاً أن التحالف بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل لا يُعدّ كونه تحالفاً يجمع بين التفاهم على الرئاسة مقابل تسمية الرئيس الحريري على رأس وزارة ما بعد الانتخاب فحسب، بل يتعدّاه إلى ما هو أبعد من ذلك أي النيابة، وكل ما يستدعي تفاهمات عملية سياسياً واقتصادياً.
وفيما تحذّر بعض القوى السياسية من خطورة اللجوء الى قوانين تسمّيها «طائفية»، وفقاً لحساباتها كـ»التأهيلي» أو «الأرثوذكسي»، وفيما يعتبر الخصوم مبدأ القوانين المسماة بأسماء أصحابها، تحدياً بالنسبة لكثر، قانون ميقاتي، قانون بري، قانون باسيل، تصبح لعبة العضّ على الأصابع مع مرور الزمن أكثر إيلاماً ومَن يتحمّل مسؤولية هذا يدرك جيداً ان التاريخ لن يرحمه مع مرور الوقت وتكشف الحقائق في ما بدت كل القوى متنصلة من مسألة العرقلة.
تبدي الجهات الدولية والإقليمية المعنية بالاستقرار في لبنان كحاجة في الوقت الحالي على ما تُشيع أجواء الصالونات الدبلوماسية وكواليسها الحماس الشديد لإجراء انتخابات في لبنان. فمسألة الاستقرار فيه يراد تثبيتها لأسباب عديدة أبرزها ما يتعلق بمرحلة المفاوضات المقبلة في سورية وانطلاق ورش إعادة الإعمار، حيث يمثل لبنان نقطة انطلاق للبلدان والجهات المهتمة. وفي وقت أسست القوى المتناحرة إقليمياً كالسعودية وإيران أرضية توازن غير مباشرة في الملف اللبناني واستطاع حلفاء الطرفين التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية عملاً بالتوجهات الدولية نفسها التي تبدو أنها حيّدت لبنان عن لهيب المنطقة، والتي تدرك جيداً أن أي معركة على مستوى تحريك الشارع اللبناني قابلة لأن تصبح قنبلة موقوتة تفرز انقساماً بالغاً في عمق الحسابات على كل من ضفتي النزاع الروسي الأميركي قد تأخذ نحو صيغ «الغالب والمغلوب» غير الممكنة في هذه الفترة من الزمن بدون انقشاع مصير سورية دبلوماسياً.
وعلى هذا الأساس لا يمكن فرض قانون انتخاب معني بصيغة الكسر وهزّ الثقة بين الأطراف التي قررت الانخراط بالتعاون المشترك ضمن الأجواء الوفاقية التي اسسها انتخاب الرئيس ميشال عون. وفي هذا الإطار يلعب حزب الله دوراً بالغ الأهمية في الليونة الكاملة مع اي قانون يتفق عليه اللبنانيون موحياً بأن صيغة الحفاظ على المرحلة الوفاقية اهم بكثير من صيغ القوانين المقترحة كلها.
السؤال عن دور حزب الله في التمسك بفرض قانون للانتخاب أو أقله الإيحاء بأهمية التخلي عن قانون الستين أو أي احتمال من الاحتمالات السيئة «الذكر» بالنسبة للبنانيين «مشروع» من اللحظة التي اثبت فيها انه نجح في فرض مرشحه العماد ميشال عون على الأفرقاء المحليين كافة وعلى الصيغة الاقليمية في مشهد كان يستحيل فيه أخذ لبنان على حدة وعزله عن محيطه الذي لم يتضح مصيره حتى اللحظة. فلماذا اذاً لا يتمسك حزب الله بصيغة واحدة وهي النسبية على ما يكرّر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من دون الانفتاح على صيغ مختلفة قد لا تكون هي الصيغ الأمثل بالنسبة لمستقبل لبنان ولو كانت صيغ أقرب الى تحولها نقطة التقاء على مخرج؟
يتكشّف هاجس حزب الله الاساسي الذي يتفوق دائماً على الحسابات المحلية كلها، ولو كانت سياسية تتعلق بتمثيله الصحيح. وبين العادل والتوافقي يبقى تمسك حزب الله بالتعايش المشترك والتعاون المحلي والوفاق الوطني أعلى بكثير من الخروج بانتصار التمترس وراء القانون «العادل» غير المتاح في تقسيمات كتلك التي يعيشها لبنان.
لبنان بشكله الحالي وتوزّع طوائفه وهواجس المصالح ليس مؤهلاً بعد لصيغة قانون «عادل» وكل البحث هو في قانون «وفاقي» أياً كان. فمرحلة العدالة أبعد عن لبنان الركيك التكوين هذه الأيام، هذا ما يكشفه مرجع حزبي كبير لـ«البناء».