يشكّل النزوح السوري الى لبنان عبئاً كبيراً على الدولة والمواطنين، ولم يعد تأثيره مقتصرا على حياتهم وامنهم ، بل وصل الى قطاع الكهرباء الذي يعاني أصلا من الويلات، ومن "تقنين" كبير نتيجة إهتراء المعامل.
وكأن لا يكفي قطاع الكهرباء أزماته، ليضاف اليها "استهلاك الطاقة الكهربائية" من قبل النازحين، والتعدّي على الشبكة الكهربائية من قبل هؤلاء بنسبة عالية تصل الى حوالي 50% من مجمل استهلاكهم. وفي هذا الإطار تشير مصادر مطلعة الى أنه "في العام 2012 كانت تصل الكهرباء الى المواطنين اللبنانيين بمعدل 14 ساعة ونصف في اليوم الواحد"، لافتةً الى أنه "بعد مرور خمس سنوات، ومع مشروع استجرار الطاقة من البواخر التي تولّد حوالي 443 ميغاوات فإن معدّل وصول الكهرباء الى المنازل لا يزال 14 ساعة ونصف في اليوم، والسبب يعود الى استهلاك النازحين السوريين الى قرابة 500 ميغاوات من الكهرباء واستنزاف الطاقة من دون دفع أي بدلات".
هذا ما تشير اليه المسؤولة في وزارة الطاقة سوزي حويك عبر "النشرة"، لافتةً الى أن "النازحين يستهلكون يوميا بحدود خمس ساعات تغذية وتصل تكلفة الميغاوات التي يستهلكونها اضافة الى ساعات القطع الى حوالي 333 مليون دولار في السنة"، كاشفةً أن "المشكلة الأكبر تكمن في التعدّيات على الشبكة التي يقوم بها هؤلاء".
لا شك أن الكثافة السكانية للنازحين السوريين هي في منطقتي الشمال والبقاع، ولكن يظهر واضحاً من خلال المسح الذي أجرته وزارة الطاقة بالتعاون مع الأمم المتحدة أن المنطقة الأكثر استهلاكاً للطاقة الكهربائية من قبل النازحين هي في بيروت وجبل لبنان حيث يصل معدل استهلاك الطاقة فيها الى 142 ميغاوات وهي النسبة الاعلى في لبنان. هذا ما تؤكده الحويك، لتعود وتشرح أن "في البقاع تصل نسبة الاستهلاك الى 122 ميغاوات، الشمال 75 ميغاوات، والجنوب حيث النسبة الأقل وتصل الى 45 ميغاوات". ولكن المشكلة الأبرز بحسب ما تشير "تكمن في التعديات على الشبكة والتي تصل الى 50% من النسبة المذكورة في كل قضاء ومنطقة"، لافتة الى أن "الدولة هنا لا تستطيع أن تفعل أي شيء في هذا المجال لمنع هذه التعديات".
وأمام هذا الاوقع المتردّي تبقى الأمم المتحدة مقصّرة تماما تجاه واجباتها أمام الدولة اللبنانية حيث ان التعاون بينها ووزارة الطاقة يبقى خجولاً جدًّا. المسؤولة في الأمم المتحدة عن هذا الملف جيهان سعود أوضحت في هذا الاطار الى أننا "ساهمنا في إعداد الدراسة التي ترتكز على تأثير اللاجئين السوريين على استهلاك الكهرباء في لبنان، وأجرينا مسحاً ميدانياً للأرض ولسحب الكهرباء وخرجنا بتوصيات لنخفف العبء على الدولة"، وأوضحت الى أننا "نساعد بإنتاج الكهرباء على الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة، كما نساهم في دعم شبكة الكهرباء في مناطق معيّنة عبر وضع محوّلات تساعد على تحمّل الضغط الناجم عن استهلاك اللاجئين السوريين".
إذاً، حتى ايجاد حلّ للنازحين السوريين سيبقى هذا الوجود عبئاً كبيراً جاثمًّا على صدور اللبنانيين الّذين يدفعون من جيوبهم وضرائبهم أعباء وثمن وجود مئات الالاف من السوريين الّذين يستفيدون من خدمات الدولة اللبنانية من دون وجه حق وهي التي لا تحتاج الى أعباء اضافية بل الى حلول، تبدو انها قريبة.