كشفت مصادر مطلعة لصحيفة "الراي" الكويتية، ان القمة العربية - الاسلامية - الاميركية التي ستنعقد في الرياض تشكّل اختباراً حقيقياً ينتظره جميع الأفرقاء ال​لبنان​يين، ومن شأنه إما تعقيد مجمل الواقع السياسي في البلاد وعلى رأسه مسار قانون الانتخاب وإما تدعيم محاولات البحث "على البارد" عن مَخرج لهذا القانون الذي بات عالقاً بين حدّيْن: الأول رفْع الثنائي الشيعي حزب الله ورئيس البرلمان نبيه بري "سلاح" النسبية الكاملة بشروط لا تفرغها من مضمونها مع رسْم خط أحمر أمام الفراغ في البرلمان باعتباره "نهاية لعهد الرئيس ميشال عون وللحكومة" والحدّ الثاني وضعه التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية اللذان يسعيان الى الاستفادة من "صيغة التأهيلي" التي طرحها التيار وعاود رئيس الجمهورية إعلان دعمه لها من أجل تعزيز موقعيْهما التفاوضي على جبهة النسبية الكاملة بهدف الحصول على ما أمكن من ضماناتٍ، تحت عنوانٍ معلن هو تحسين التمثيل المسيحي وآخر مضمَر يشير اليه خصومهما وهو الرغبة في تشكيل كتلةٍ وازنة تكون لها كلمة مقرّرة بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

وكان لافتاً بحسب المصادر للصحيفة الكويتية، ان وزراء بري وحلفاء حزب الله أثاروا مسألة القمة مع ترامب في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي سيمثّل لبنان في هذه القمة بعدما تلقى دعوة إليها من دون رئيس الجمهورية، وسط انطباعٍ متزايد بأن المشاركة بهذا الشكل تمّت من ضمن تنسيقٍ بين عون والحريري تفادياً لإحراج الأوّل في ظل السقف العالي المتوقّع حيال إيران وحزب الله.

وعلى عكس التوقعات باحتمال أن تشهد جلسة مجلس الوزراء نقاشات حادة حيال مشاركة الحريري الذي سيرافقه وزير الخارجية جبران باسيل، في القمة مع ترامب، فإن الأمر أثير بهدوء وتناوله وزراء حزب الله وحلفاؤه من باب المطالبة بألا يكون للبنان اي موقف مؤيّد لاستهداف الحزب، وسط تقارير كشفتْ ان رئيس الحكومة طمْأن الى انه سيلتزم البيان الوزاري والنأي بالنفس وعدم تأييد المساس بأي فريق لبناني.

وأشارت المصادر الى ان رغم ان ما نُقل عن الحريري في الجلسة يشكّل عامل اطمئنان نسبي، إلا ان ذلك لا يُسقط حساسية الموقف اللبناني في القمّة ومدى قدرته على "السير بين النقاط" في مسألة بالغة الدقة تتعلّق بحزب الله، وسط اعتبار دوائر مراقبة ان ثمة صعوبة كبيرة في أي محاولة لبنانية للفصل بين الحزب وبين إيران اللذين سيكونان عنواناً رئيسياً في زيارة ترامب.

وحسب هذه الدوائر، فإن تعمُّد حزب الله وحلفائه إثارة مسألة موقف لبنان في القمة مع ترامب هو رسالة مزدوجة برسم الحريري بالدرجة الأولى، ولكنها تصيب في الوقت نفسه عون الذي يسود فريق "8 آذار" توجُّس كبير من سلوكه في مرحلة ما بعد انتخابه رئيساً، لا سيّما في ما خص قانون الانتخاب وانكفاءه عن النسبية الكاملة وصولاً الى عدم التعاطي بارتياح مع عدم مسارعته الى حسْم مسألة التمديد رسمياً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليتولى الأخير قيادة دفّة محاولة "احتواء عاصفة" العقوبات المالية الأميركية الجديدة المتوقعة بحقّ الحزب وحلفاء له، محذّرة من سلبيات إدخال هذا الملف في دائرة التوتر بين رئيس الجمهورية وبري الذي استعجل بتّ هذا التمديد عبر رفْع وزير المال علي حسن خليل طلباً بذلك الى مجلس الوزراء الذي لم يدرجه على جدول أعمال جلسة يوم أمس الذي شهد لقاءً لافتاً في القصر الجمهوري بين عون وحاكم المصرف المركزي، علماً ان أوساط أخرى اعتبرتْ ان الرئيس عون وافق على التمديد لسلامة وان هذا الأمر سيُبتّ قريباً لافتة الى ان لرئيس الجمهورية كما الآخرين مصلحة بالإسراع في إطلاق اتصالات على أعلى المستويات لتدارُك العقوبات الاميركية التي ذُكر للمرة الاولى قبل أيام عبر صحيفة "فايننشال تايمز" انها قد تشمل الرئيس عون نفسه وبري، وهو الامر الذي يستطلعه حالياً وفدان نيابي ومصرفي في واشنطن.

وترى الأوساط المطلعة انه بمعزل عن نجاح الحريري في تدوير زوايا الموقف اللبناني في القمة مع ترامب، فإن وهج هذه القمة التي تتم مقاربتها على ان "ما قبلها لن يكون كما بعدها" على صعيد المنطقة والتعاطي مع إيران واستطراداً مع ملفات ساخنة أخرى بينها الأزمة السورية، سيترك تداعيات على الواقع السياسي في بيروت وسط ارتياب كبيرٍ من حزب الله حيال هذه المحطة التي شبّهها أمينه العام السيد حسن نصر الله بقمة شرم الشيخ في آذار 1996 والتي أعقبها عدوان "عناقيد الغضب" الاسرائيلي في نيسان من العام نفسه، وبعدوان تموز 2006.