يُدرك حزب الله تماما ان المرحلة التي دخلتها المنطقة مع تبلور سياسة الرئيس الأميركي الجديد ​دونالد ترامب​ الدولية والتي تركّز بشكل أساسي على حصار ​ايران​، لن تكون مزروعة بالورود بالنسبة اليه. ولعل التنسيق الأميركي–السعودي على ادراج رئيس المجلس التنفيذي للحزب على لوائح الارهاب في ​الرياض​ و​واشنطن​ بشكل متزامن عشية القمة الاسلامية–الأميركية المرتقبة في المملكة العربية السعودية، كما الضربة التي نفذتها واشنطن على مقربة من معبر التنف الحدودي مع العراق والأردن وشكلت رسالة حازمة بأن المنطقة منطقة نفوذ أميركي ولا يجوز الاقتراب منها، كلها مؤشرات واضحة لما ينتظر الحزب من تحديات يُدرك أنّها ستكون أكبر من كل ما واجهه خلال سنوات الصراع المستمر في سوريا.

ويحاول حزب الله استيعاب الصدمات المتتالية بأقل أضرار ممكنة، وهو حاليا، وبحسب مصادر مطلعة في حالة ترقب لما سينتج عن الحراك الكبير الذي ينطلق من واشنطن ويحط في الرياض وينسحب الى الميدان السوري، رغم اقتناعه بأن ما يُطبخ لن يكون طبقا سهل الهضم.

وترجح مصادر سورية معارضة أن تكون الضربة الاميركية التي استهدفت قافلة، تضاربت المعلومات ما اذا كانت تابعة للجيش السوري او لحلفائه، عند الحدود مع العراق والأردن، أعادت خلط كل الأوراق بالنسبة لطهران ودمشق اللتين قررتا بوقت سابق فتح المعركة لاستعادة السيطرة على طريق بغداد–دمشق ومن خلفها طريق طهران–بيروت. فالاشارات المتتالية التي وصلت للطرفين تفيد بقرار أميركي حاسم في هذا المجال، بالتصدّي لأي محاولة جديدة من هذا النوع خاصة وأن واشنطن ولندن على حد سواء تستعدان لشن معركة استعادة محافظة دير الزور مباشرة بعد انطلاق معركة الرقة، والتي ستتولاها القوات الكردية المدعومة أميركيا.

وتستبعد المصادر أن يؤدي السباق على تحرير دير الزور كما قرار واشنطن بوقف زحف النظام وحلفائه الى الحدود مع العراق، الى صدام أميركي–روسي، معتبرة ان القطبين الكبيرين متفقان ضمنيا على تقسيم سوريا الى مناطق نفوذ ولن يخاطرا بضرب هذا الاتفاق كرمى لعيون حليف هنا او صديق هناك. وتضيف المصادر: "لذلك من المتوقع ألاّ تترافق التصريحات الروسية العالية النبرة مع اي خطوات عملية، لتترك موسكو طهران في مواجهة مباشرة مع واشنطن على ان تكتفي هي بالدعم الخلفي".

وتستبعد مصادر مقربة من حزب الله ان يكون للمتغيرات الاقليمية والدولية الكبيرة اي أثر على الوضع الداخلي اللبناني، الذي يبدو محيّدا أكثر من أي وقت مضى، لافتة الى ان جولة الوفد النيابي–المصرفي في واشنطن لشرح الموقف اللبناني الرسمي من العقوبات الجديدة المرتقبة على حزب الله، كما مواقف "تيار المستقبل" المتمسكة بالتلاحم الداخلي، "رغم النبرة الاخيرة لوزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ من عكار والتي تأتي انسجاما مع الاجواء المحيطة بقمة الرياض، كلها مؤشرات لقرار داخلي مدعوم دوليا لابقاء لبنان بمنأى عن الصراع الايراني–السعودي–الاميركي المتعاظم.

وبانتظار انعقاد القمة في الرياض وتبيان نتائجها، يُستبعد تماما حدوث اي خرق يُذكر في جدار أزمة ​قانون الانتخاب​ التي تهدد بأزمة سياسية كبرى، مع ارتفاع حظوظ اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين كحد اقصى مطلع الخريف المقبل.