لم يحدث ان شهدت مملكة الخير، المملكة العربية السعودية، هذا الحشد الهائل: الاميركي والعربي والاسلامي، في اكبر تكتل على ارض واحدة منذ عقود من الزمن.
انه توازن الشراكة بين أعظم دولة في العالم، الولايات المتحدة الاميركية، وبين دول الخليج، تحديدا، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ودولة الكويت ومملكة البحرين.
لقد عاش العالم على مدى يومين هذا البُعد الاستراتيجي بين واشنطن والرياض، لتُبنى شراكة استراتيجية لربع قرن الى الامام، لأن الاتفاقات المعقودة تدوم أكثر من هذه المدة لانجازها بالكامل. ولتزيل جدران التناقض والالتباس، ولتحويل التناقض الى انسجام، والالتباس الى وضوح الرؤية وحسن الفهم.
ابعد من اتفاقات مئات المليارات من الدولارات، هناك توقيع الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، وهذه الرؤية من شأنها ان تنقل الاتفاق بين الدولتين الى اتفاق بين الشعبين: الاميركي والسعودي أولا، والاميركي وشعوب الخليج على نطاق اوسع. ولهذا لم يتوان الرئيس ترامب عن التغريد على تويتر فكتب: عظيم أن أكون في الرياض بالمملكة العربية السعودية. وأتطلع الى اللقاءات. اما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز فرحب عبر تويتر وغرّد كاتبا: نرحب بفخامة الرئيس الأميركي في المملكة. ستعزز زيارتكم تعاوننا الاستراتيجي، وستحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم.
انه التبادل الذي يستخدم التكنولوجيا في أبعد مداها.
في غضون ذلك كان الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، يعقد اجتماعا مع رؤساء كبرى الشركات الأميركية والسعودية، ويناقش معهم أبرز موضوعات منتدى رؤساء الأعمال.
هذه الحركة المركزية لولي ولي العهد مع كبريات الشركات الاميركية تظهر الشخصية الطموحة والعصرية في آن واحد للأمير الشاب وهنا لا بد من التذكير بأن سموه حين زار الولايات المتحدة خصص اجتماعات مع قادة المستقبل في العالم وفي مقدمتهم مارك زوكربرغ مؤسس فايسبوك للدلالة على ايلائه الاقصى للعصر الرقمي وقناعته بأن الكرة الارضية أصبحت قرية صغيرة، تعكس الدور المحوري والاساسي الذي يضطلع به، ليس على مستوى بلاده فحسب بل على مستوى العلاقة بين واشنطن ودول الخليج.
وفي ما يُعتبر مكسبا غنيا للقمة، فقد شارك فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي القائد الأعلى للقوات المسلحة، العائد من واشنطن بعدما كان التقى هناك الرئيس ترامب وبحث معه ملفات المنطقة وجاءت القمة الاميركية - الاماراتية قبل القمة التي انعقدت في الرياض.
وفي سياق المشاركة في اعمال القمة، فقد التقى سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وذلك على هامش المشاركة في الاجتماع التشاوري السادس عشر لقادة دول مجلس التعاون الخليجي. ولم يكن هاجس أمن الخليج بعيدا عن محادثات الكبيرين.
ماذا بعد القمة الاميركية العربية الاسلامية؟
بالتأكيد ما بعد القمة ليس كما قبلها، ونتائجها ستبدأ بالظهور بعد عودة الرئيس ترامب الى بلاده، والأهم في كل ذلك ان هذه الشراكة ستعيد للسعودية ولدول الخليج الدور المحوري في المنطقة، ليس في هذه المرحلة فحسب، بل امتدادا الى عقد زمني آخر ليلامس العام 2025.
في يومين قمتان: قمة خليجية اميركية وقمة عربية اسلامية اميركية، وشعار القمتين العزم يجمعنا، الذي حمل معه الاستقرار والأمن المستدامين.