يومان وقمَّتان وثلاث وثائق وخمسون رئيساً وقادة دول، وعشرات الإتفاقات والعنوان واحد:
الرياض.
على مدى يومين تغيّرت قواعد اللعبة في العالم، ولا سيما في المنطقة الممتدة من موريتانيا حتى أفغانستان، ولهذا دُعي إلى القمتين خمسون من رؤساء وقادة تلك الدول ليشاركوا ويشهدوا على إعلان الرياض وهو عنوان مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.
أما الوثائق الثلاث التي يمكن اعتبارها خارطة الطريق للعشرين سنة المقبلة، فهي:
خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وخطاب ترامب، وإعلان الرياض.
***
ما لا يمكن القفز فوقه، واعتباره أنَّه غير موجود، أنَّ هدف القمة كان:
إعلان الرياض قال صراحة إنَّ القادة أكَّدوا رفضهم الكامل للممارسات التي تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، واستمرار دعمهم للإرهاب والتطرف.
أما أهم وأخطر ما ورد في إعلان الرياض بالنسبة إلى لبنان، ففي البند الذي يقول:
التزام القادة بتكثيف جهودهم بمواجهة النشاطات التخريبية داخل دولهم بكلِّ حزمٍ وصرامةٍ.
هنا يجدر التوقف لطرح الإستفسارات التالية:
هذا البند يخالف البيان الوزاري للحكومة اللبنانية.
الوفد اللبناني لم يتحفَّظ على هذا البند. فكيف سيلتزم لبنان.
إذا قرَّر المواجهة ينفجر البلد، وإذا لم يقرِّر المواجهة يكون خالف إعلان الرياض الذي وافق عليه.
***
الوثيقة هي خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي بدا متناغماً مع إعلان الرياض حيث ورد فيه:
ظنَّوا أنَّ صمتنا ضعفٌ وحكمتنا تراجعٌ حتى فاض بنا الكيل.
***
أما الوثيقة الثالثة والتي قالت أكثر مما قالته الوثيقتان السابقتان، فهي كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي ورد إسم لبنان فيها وإسم الجيش اللبناني أكثر من مرة.
يقول عن الجيش اللبناني إنَّه يلاحق عناصر داعش الذين يحاولون التسلل إلى أراضي لبنان.
ويُثني على مجلس التعاون الخليجي لحجبه المموّلين عن استخدام بلدانهم كقاعدة مالية للإرهاب. كما انضمت المملكة العربية السعودية إلينا هذا الأسبوع في فرض عقوبات على أحد كبار قادة حزب الله.
أما حزب الله فموقفه سيكون الخميس، في كلمة مرتقبة للسيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير.
***
إذاً، لبنان كان في صلب قمتي الرياض وإعلان الرياض ووثائق القادة، وفي حضور وفدٍ لبناني، فكيف سيواجه في بيروت ما تمَّ إقراره في الرياض الذي يرقى إلى مستوى الإتفاقات؟
لبنان في موقف لا يُحسَد عليه، فهل إن وافق عليه سيعرِّض تماسكه الداخلي للخطر؟
وهو إنْ لم يوافق فإنَّه سيضع نفسه في مواجهة مزدوجة مع المجتمع العربي، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، ومع المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية.
من هنا تأتي المهمة، التي يقوم بها الوفد اللبناني في واشنطن لتخفيف العقوبات المرتقبة على القطاع المصرفي، وقد نجح هذا الوفد الذي برز منه رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه والوزير السابق مروان خير الدين والنائب ياسين جابر، في إيجاد قاعدة تفهُّم لدى الأميركيين حول وجوب تحييد المصارف، لأنَّها العمود الفقري للإستقرار اللبناني.
هل موقف لبنان الرسمي قد يظهر في جلسة مجلس الوزراء؟
***
إذاً المواجهة مبكرة، ولبنان المعنيُّ الأول، كيف سيتجاوز هذه المرحلة الخطرة جداً؟