كناسك الشخروب دخل ملحم الرياشي عالم السياسة والسياسيين.هو لا يشبههم وهم كذلك. لكنه سلك الدرب الشائك مستلهما الشعر الذي يتقنه وبالقيم الذي يمارسها في الاداء المميز الذي اظهره للخصوم وللحلفاء، فكسب ودهم واحترامهم. فالرجل حمل الملفات الثقيلة المشبعة بالدماء وذهب مكوكيا بين معراب والرابية. لم ييأس ولم يتعب بل ثابر وفي باله ان ينجح في تعميم ثقافة الغفران بين الاعداء. نجح بعد طول معاناة. وهو اليوم يتباهى،وهذا من حقوقه، بأن ما انتجته جولاته اضافت الى المسيحيين دفعا ايجابيا وازنا. وهو اليوم اشبه بوزير المصالحات، يدخل إلى الضاحية فينسى اهلها بأنه قواتي. يرافق رئيس الحكومة إلى الرياض فنخاله زميلا في مهنتنا الإعلامية. قد يكون كل ما سبق مديحا بالوزير الزميل. لكن الواقع والحقيقة ترويهما شريكة المستقبل عندما قالت بان الله وضع ملحم في طريقي بعدما بلغ اليأس عندي مرحلة اللاعودة. فهل ينجح ملحم الاديب والرحباني الهوى ام ان الكرسي سوف تغلبه ونخسره زميلا وزيرا؟
وزارة الاعلام مرتع الوزير الرياشي الحقيقي دخل الى مكاتبها وشمر عن ساعديه وبدأ باجراء العمليات الجراحية في كل المؤسسات التابعة لها وهو يسعى الى تغييرات جذرية على صعيد مهام الوزارة وتسميتها من وزارة الاعلام الى «وزارة التواصل والحوار» وهي التي عرفت منذ نشأتها عام 1960 تسميات عديدة من «وزارة الأنباء والإرشاد» في عهدي الرئيسين فؤاد شهاب وشارل حلو، إلى «وزارة الأنباء» الى ان استقرت هويتها الاسمية التي ما زالت تحملها الى اليوم منذ ان تسلم حقيبتها الوزير الراحل ألبير مخيبر العام 1972.
لم يمر اقتراح الوزير الرياشي مرور الكرام على مسامع اهل الاعلام ولكن قطار التغييرات لم يتوقف عن السير باتجاه المحطة التي يريد وزير الاعلام ان يصل اليها المذكور وهو خلال هذه الرحلة وجد تخمة كبيرة في لائحة اصحاب الاقلام المسجلة في الوزارة فطلب اعادة تقييم قدراتهم من خلال امتحانات يتم اختيار فيها اصحاب الجدارة.
من كادر الوزارة الى الفضاء المرئي الاوسع والذي يمثل وجه الدولة الحقيقي البعيد عن الالوان الحزبية خاض الوزير رياشي معركة اختيار رئيس مجلس ادارة تلفزيون لبنان يعيد امجاده الذي فقد وهجها في ظل كوكبة من الوسائل الاعلام المرئية التي تأسست خلال الحرب الاهلية.
واجه الوزير الرياشي العديد من الانتقادات والتلميحات الى تدخلات سياسية في التعيينات ولكنه استطاع اسكات الاصوات المعرقلة والتي لم تكن سوى لمصالح شخصية وقد قاد احدى الحملات بعضهم بعدما اجرى اتصالا بالوزير يعرض فيه نفسه لرئاسة مجلس الادارة ملمحاً الى ضرورة الحصول منه على الموافقة قبل التقدم الى المباراة وكون الوزير قد وضع بالتعاون مع وزيرة التنمية للشؤون الادارية عناية عز الدين ومجلس الخدمة المدنية المواصفات المطلوبة فما على المرشح المذكور الا ان يتقدم كباقي المرشحين وتم تداول العديد من الاسماء ذات الالوان الحزبية الى ان رست النتائج بناء على «باريم» وفقاً لما صرح به وزير الاعلام وضع من وزارة التنمية الادارية واكد فيه ان هناك أشخاصاً لديهم شهادات عالية، ولكن ليس لديهم الخبرات الكافية والعكس صحيح وقد وصل عدد المتقدمين الى 138 لم يتمكن العديد منهم من المرور عبر وزارة التنمية. وهناك اعتبارات عدة للعلامات التي كانت على اساس 60 على 100 وخفضناها إلى 52 على 100 في الانتقال من عشرة مرشحين إلى 17 مرشحا تم اختيار ثلاثة اسماء بصعوبة وهم اثنان من طائفة الروم الكاثوليك وواحد من الطائفة المارونية بشارة شربل ايلي خوري وتوفيق طرابلسي ويبقى القرار في الاختيار الاخير لمجلس الوزراء حيث سيقوم الوزير الرياشي بوضع الاسماء على طاولة الحكومة على امل ان تنتهي عقدة تلفزيون لبنان الذي باتت برامجه مادة للتندر والتي اقتربت من الحل حيث سيدخل تلفزيون لبنان عصراً جديداً كما وعد وزير الاعلام بانتظار عودته من الولايات المتحدة الاميركية.