لن يتأخر ​الجيش السوري​ مع حلفائه من الوصول الى الحدود العراقية عند معبر التنف، رغم التحذيرات الاميركية الأخيرة عبر رمي المنشورات وقبلها الغارة على الطلائع الاولى للقوات المتقدمة باتجاه المعبر، وفقا لما يؤكده مصدر أمني سوري، لـ"النشرة"، ويشير المصدر الى أن المعارك دائرة في المنطقة بعيداً عن الاعلام بين القوات المدعومة أميركيا وبين القوات السورية وحلفائها، ومن بينهم حركة "النجباء" العراقية وحركة "العراق" الاسلامية التي تتقدم كل يوم ما بين خمسة الى عشرة كيلومترات باتّجاه المعبر ولا يفصلها سوى قرابة ثلاثين كلم عنه.

لا شك أن المعركة لن تكون سهلة، لكن المصدر يشدّد على أن شهر حزيران سيكون حاسماً في فتح الطريق باتجاه العراق، وفي الأشهر الثلاث المقبلة سينقلب المشهد في الميدان بالكامل، أما الحديث عن تفاهم روسي-أميركي حول تقسيم مناطق السيطرة على الحدود فهو حتى الآن لم يوقف المجموعات المتقدمة في البادية والمدعومة من طهران.

معضلة الهجوم هي وجود قاعدة أميركية في التنف مقابل تصميم سوري ايراني عراقي على وصل الطريق بين البلدان الثلاث عند هذا المعبر، والسبب أن الخيارات الأخرى، منها معبر البوكمال-القائم، لاتزال بعيدة المنال وبحاجة الى وقت طويل ومعارك على الجانبين العراقي والسوري لتأمين طريق يربط بين البلدين، ولذلك ترى مصادر سوريّة، عبر "النشرة"، أن العمليات ستستكمل ولن يترك المعبر بهذه السهولة، وتلفت الى ان القوات السوريّة استمرت في تقدمها بعد الضربة الاميركية، ما اضطر القوات الاميركية الى رمي منشورات تحذر من الاستمرار في الهجوم والعودة الى نقطة 60 الى 70 كلم عن القاعدة، ورغم ذلك لم تتراجع تلك القوات عن نقطة الثلاثين كلم، لا بل تشدد المصادر على أن القوات سائرة كما هو مخطط لها نحو تحرير معبر التنف والوصول الى معبر الوليد.

في الجهة المقابلة للتنف معبر الوليد في العراق، الذي تسيطر عليه القوات العراقية منذ اب العام 2016 بعكس مايشاع عن سيطرة تنظيم "داعش" عليه، اذ كان التنظيم يسيطر على قسم من الطريق من الجهة السورية ويتقاضى من الشاحنات التي تدخل مناطق سيطرته 300 دولار، في حين تسيطر القوات المدعومة من الولايات المتحدة على معبر التنف منذ آذار 2016.

على هذا الصعيد، تؤكد المعلومات أيضاً اقتراب المواجهة اذ ان خطة "​الحشد الشعبي​" بالدخول من العراق الى سوريا، لملاحقة تنظيم داعش، استبدلت بزج قوات عراقية من حركة "النجباء" وحركة "العراق" الاسلامية، وهي قوات معروفة بعدائها للقوات الاميركية ولن يمنعها اطلاق بعض التحذيرات أو رمي المنشورات، وقد أعلن قادتها الميدانيون إصرارهم على الوصول الى بلدهم عبر الحدود البرية.

في الجانب الآخر، اشتعل الصراع الاقليمي على مخطط آخر، يقول مصدر سوري مطلع أن دمشق لن تسمح للقوات الاميركية بالتمدد شمالاً داخل أراضيها لوصل الأردن بالشمال، ويشدد على أن المشروع سقط لعدة أسباب، أبرزها، تأكيد دمشق أنها لن تسمح بوجود قوات أميركية على أرضها، كما أن موسكو أعلنت بعد الغارة الأميركية أن من حق دمشق الوصول الى أي نقطة داخل أراضيها، ويوضح المصدر أن المشروع الأميركي انتقل الى العراق لانه سقط في سوريا، في المقابل فان التمدد الاميركي شمالاً في العراق أصبح غير ذي أهمية بعد وصول الحشد الشعبي الى منطقة أم جريص والاعلان عن استكماله العمليات جنوباً على طول الحدود وفصل "داعش" بين سوريا والعراق.

في المحصلة، يبدو المشهد على الحدود العراقية-السوريّة معقداً وليس من السهل حلحلته في ظل تضارب المصالح، وحتى الآن رسمت خرائط ومناطق نفوذ، وجميعها، وفقاً للقيادة السورية، لن يكتب لها النجاح، لا بل حتى مدينة الرقة لا يزال السوريون يؤكدون أن الجيش أو القوات الرديفة ستدخلها، خصوصاً أن تقدم الجيش السوري السريع في ريف حلب الشرقي أوصله الى تخوم ريف الرقة ومدينة الطبقة، في حين أن مئات العناصر من القوات الاميركية لن تستطيع فرض الخطوط الحمراء، الا اذا أرسلت واشنطن المزيد من القوات وزجتها في المعركة، وعندئذ لن تكون بمنأى عن العمليات العسكرية ضدها.