ليس المهم كيف، ولماذا؟ ومن المسؤول؟ وإلى ما هنالك من الأسئلة التي تُطرح حيناً عن حسن نية وأحياناً عن سوء نية، وطارحوها ليسوا من طرف واحد أو من فريق، إنهم من هذا الفريق، وذاك الطرف، وهم من الذين لا يعيشون إلاّ في الأحقاد، ولا يرون إلا السلبيات حتى ولو كانت الإيجابية تطغى على قضية ما... والحال أنّ ما تم التوصل إليه على المستوى الوطني العام (وإن كان الذين شاركوا في المباحثات للتوصل اليه ينتمون إلى كتلٍ بعينها) هو إيجابي كيفما نظرنا إليه.
صحيح أنّ ثمة حرصاً على المصالح الآنية والحزبية وحتى الشخصية. هذه حقيقة مجرّدة لا يمكن التنكر لها، ولكن الصحيح أيضاً هو أن ما تقدم من توافق هو، في حد ذاته، إنجاز كبير. والأمور نسبية في أي حال. ذلك أنه لا يمكن النظر الى الأمر خارج الظروف الموضوعية التي رافقت هذا المسار الطويل:
أولاً - إنه إنجاز لأنّ القوم توافقوا عليه بعد طول ترقب وانتظار وحوار و«خناق» وتراشق بالإتهامات، وفقدان أعصاب، وتلويح بالحرب حيناً وبالتقسيم حيناً آخر وبالشارع في كل حين (…).
ثانياً - هو إنجاز لأننا إذا استعدنا المرحلة المحمومة وأين كان يقف كل طرف، وأين صارت الأطراف، وأين كانت التوافقات وأين صارت الخلافات (…) لاكتشفنا ضخامة الخطوات التي سُجِّلَتْ.
ثالثاً - وإنه إنجاز لأنّ النسبية مطلب مزمن في هذا الوطن... حتى ولو جاءت على الطريقة اللبنانية، إذ ثمة شوائب هنا، وثمة هِنات هيّنات هناك، وثمة خاسرون هنا (وهم الأكثرية على صعيد الكتل والتكتلات النيابية) وثمة قلة رابحة.
رابعاً - وهو إنجاز لأنّ قانون الستين بات ساقطاً نظرياً، على أن تتم «مراسم» السقوط في أول جلسة يعقدها النواب المحظوظون في هذا المجلس المحظوظ بدوره المقبل على تمديد تقني لن يقل عن تسعة أشهر (الإنتخابات متوقعة في آذار المقبل، وقد حسم وزير الداخلية نهاد المشنوق، أمس، أن المهلة لكي تكون وزارته جاهزة لإجراء العملية الإنتخابية على القانون العتيد (النسبي) تراوح بين ستة أشهر وسبعة أشهر، وبالتالي بعد فصل الشتاء المقبل 2018).
خامساً - وهو إنجاز لأنّ التمديد (غير التقني) قد سقط.
سادساً - وهو إنجاز لأننا واثقون بأنّ المجلس النيابي الآتي على حصان النسبية سيفرز وجوهاً تضخ دماً جديداً في الجسم السياسي اللبناني... وهذه حتمية لابدّ منها. ولعلّ هذه النقطة هي أحد أبرز الإنجازات الحقيقية بعدما أكل الصدأ الحياة السياسية اللبنانية طوال عقود طويلة. والقادمون الجدد الى ندوة ساحة النجمة قد لا يكونون بالأعداد الكبيرة (… وهم، قطعاً، لن يكونوا على كثرة عددية) إلاّ أنهم سيشكلون نواة تغيير حقيقي يتوق اليها اللبنانيون. ونزعم، في هذه النقطة، أنه ما من كتلة ستعود بكاملها... وما من لائحة أيضاً ستعود كاملة... فالخروقات هي قاعدة النسبية الذهبية.
ويمكن تعداد المزيد من الإنجازات من دون شك، إلاّ أننا نكتفي بما تقدّم، لنعبّر عن الإرتياح الى الخطوة التي هلّت مع قمر رمضان من قصر بعبدا، بعد الإجتماع الثلاثي بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة… مشيرين الى ما يعرفه قارىء هذه الزاوية وكنّا نؤكد له مراراً وتكراراً أن الإنتخابات النيابية آتية، وبالقانون الجديد.