بعد فترة طويلة من الأخذ والرد سيطر عليها الإعتراض التركي لإعتماد الولايات المتحدة الأميركية على قوات "سوريا الديمقراطية" في معركة تحرير مدينة الرقة من عناصر تنظيم "داعش"، أعلنت تلك القوات رسمياً إنطلاق معركة الرقة الكبرى بمشاركة 19 فصيلاً عسكرياً.
قبل أيام قليلة، كان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أكّد أن واشنطن أبلغت بلاده بإنطلاق هذه المعركة، إلا أن قوات التحالف الدولي سارعت إلى نفي ذلك، مؤكدة أن "سوريا الديمقراطية" هي المولجة الإعلان عن هذا الأمر، لكن كيف ستتعامل أنقرة مع هذا التطور في المرحلة المقبلة؟.
في هذا السياق، يوضح رئيس المركز الكردي للدراسات نواف خليل، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه المعركة تأتي تتويجاً للمعركة الإستراتيجية التي بدأت في مدينة كوباني، ويضيف: "في كوباني كانت بداية النهاية لتنظيم داعش"، ويلفت إلى أنها تتويجاً أيضاً للثقة المتبادلة بين الولايات المتحدة والبلدان الغربية، وقوات سوريا الديمقراطية".
من وجهة نظر خليل، معركة تحرير الرقة هي الأهم على الصعيدين المعنوي والإستراتيجي، لا سيما أنها عاصمة "الخلافة الداعشية"، ويؤكد أنها معركة مهمة ليس فقط لـ"قوات سوريا الديمقراطية" بل أيضاً لجميع السوريين ولكل دول المنطقة.
من جانبه، يوضح الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول، في حديث لـ"النشرة"، أن الإطار العام للموقف التركي من "سوريا الديمقراطية"، وغيرها من المسميات الأخرى مثل "وحدات حماية الشعب الكردي"، معروف ولم يتغير بغض النظر عن إعتماد الولايات المتحدة عليها في هذه المعركة.
ويشدد غول على أن هذه القوات من وجهة نظر أنقرة تشكل مصدراً لتهديد أمنها القومي، وهي ستتعامل مع هذا الموضوع في الإطار الأمني والعسكري عندما تشعر بأن هناك خطراً على حدودها.
حول هذا الموضوع، يشير رئيس المركز الكردي للدراسات إلى أن هذه المعركة جاءت بالرغم من مواقف أنقرة المعروفة، ويلفت إلى أنه أحياناً يبدو أن صانع القرار التركي يريد أن يسمع ما هو مؤكد، ويشدد على أن المخاوف التي تعبر عنها أنقرة لا أساس لها من الصحة.
ويوضح خليل أن الولايات المتحدة قد تكون أكدت لتركيا أن السلاح الذي سلمته لـ"سوريا الديمقراطية" لن يستخدم خارج سوريا، كما أن مدينة الرقة لن يحصل فيها تغيير ديمغرافي، ويشير إلى أن هذا الأمر مؤكد ومدينة منبج مفتوحة كنموذج لمن يريد أن يطلع على حقيقة ما يحصل وسيحصل.
بالنسبة إلى تداعيات مثل هذه الخطوة على العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، يوضح غول أنه في بعض وسائل الإعلام وعلى لسان مسؤولين أميركيين تم الحديث عن ضمانات، لكنه يعتبر أن من غير الممكن تصديقها، إلا أن ذلك لا يمنعه من التأكيد بأن ليس هناك من تراجع في العلاقة بين الدولتين، التي يشير إلى أنها مبنية منذ زمن بعيد وليس هناك من تراجع فيها.
وفي حين تطرح علامات الإستفهام حول موعد الإنتهاء من هذه المعركة، يشدد خليل على أن أحداً لا يستطيع التكهن بهذا الأمر، ويلفت إلى أن معركة مدينة الطبقة لم تكن سهلة لكن تم تحريرها بما كانت تملكه من أهمية. واذ يوضح أن الوضع في الرقة قد يكون مختلفاً، الا أنه يشدد على أنها لن تأخذ وقتاً طويلاً، كما هو الحال في مدينة الموصل، نظراً إلى وجود قيادة مشتركة بين قوات التحالف الدولي و"قوات سوريا الديمقراطية" حققت على مدى الأشهر السابقة الكثير من الإنجازات.
في المحصلة، إنطلقت بالأمس معركة تحرير الرقة من عناصر "داعش" بالرغم من علامات الإستفهام الكثيرة التي تطرح حولها من بعض القوى الإقليمية، فهل تحقق العملية العسكرية أهدافها في وقت قريب؟.