لفت نائب رئيس المجلس الأعلى للروم الكاثوليك الوزير ميشال فرعون في تصريح له لعد اجتماع المجلس الأعلى إلى أنه "يقف ابناء طائفة الروم الكاثوليك اليوم في لبنان وبلدان الشرق العربي والاغتراب أمام استحقاق هام في المسيرة التاريخية لطائفتهم، وهو انتخاب بطريرك جديد لها، أثناء انعقاد السينودس القادم في 19 الشهر الجاري وبهذه المناسبة يود أعضاء المجلس الأعلى ان يعربوا عن شكرهم وتقديرهم لغبطة البطريرك غريغوريوس الثالث، الذي تحمل مسؤولياته في ظروف وتحولات إقليمية صعبة شاكرين له الجهود التي بذلها طوال سنوات والحفاظ على دور كنيسة الروم الكاثوليك، والتحرك الفاعل والمسؤول اقليميا ودوليا إزاء محنة مسيحيي الشرق العربي، وإعلاء شأن الحوار على أنواعه، متسلحا بصلابة الإيمان وغنى التجربة وقوة المثابرة لتخطي الصعوبات متمنين له مع طول العمر دوام الصحة، واستمرار العطاء في خدمة الكنيسة".
وأشار إلى أنه "اذا كان موعد انتخاب بطريرك جديد محطة طبيعية في تاريخ الطائفة، عبر توالي البطاركة على رئاستها وفق الأصول المرسومة منذ أجيال، الا ان انتخاب بطريرك جديد للروم الكاثوليك يكتسي هذه المرة أهمية كبرى تختلف عن سابقاتها. لأن عجلة الأقدار في المنطقة تدور منذ سنوات بقساوة لا سابق لها في مصير المسيحيين، قضت باضطهاد وقتل وتهجير أعداد كبيرة منهم، وتدمير كنائسهم وأديارهم، بخاصة في سوريا والعراق، وفي بلدان من الشرق العربي حيث للمسيحيين وللروم الكاثوليك حضور وانتشار. فالروم الكاثوليك يتميزون كونهم منتشرين في مختلف البلدان في المنطقة، وفي الوقت ذاته هم متحدون مع الكرسي الرسولي، وهم عرفوا على طوال تاريخهم بالعطاءات المتنوعة والمبادرات الخلاقة فضلا عن الاعتدال في العيش مع الآخر والانفتاح ورحابة التعامل. ولا يتسع المجال هنا لإعادة استحضار تاريخهم المعروف في هذه المجالات. فالواقع الحالي للمسيحيين في بلدان المنطقة كلها، يستدعي دورا متجددا للكنيسة لا يمكن اختصاره الا بعبارة الرسالة، لأن الوقت هو وقت تأدية رسالة، الوقت هو للشهادة، للتضحية، لحسن الوفاء للأصول، للعودة الى الينابيع التي منها تدفق العطاء في هذا الشرق الذي شهد نزول الرسالات السماوية".
وأفاد فرعون إلى انه "اذا كان المسيحيون يشعرون اليوم بقلق مشروع بعد كل ما لحفهم من إرهاب وعنف وظلم واضطهاد، واذا كان إخوانهم المسلمون في مختلف البلدان العربية والإسلامية عبروا بقوة عن تضامنهم معهم، وفاء للعروبة اولا التي لا يمكن تصورها من دون الوجود المسيحي فيها، وفاء لقيم الإنسان في كل آن وزمان، الا ان الواجب الأكبر اليوم، وفي هذا العالم المنفتح الذي أزيلت من أمامه مختلف أنواع الحواجز، يقع على الكنيسة اولا، لأنها هي المعنية الأولى بهذه التحولات المأساوية، تقف بالصمود اولا، وبمقتضيات الصمود، ولكن ايضا بإعادة النظر في الذات، ليس فقط لما هو دورها او رسالتها، بل لما هو عليه مسؤولياتها. لأن الكنيسة مسؤولة، كونها مؤتمنة على الإرث الممتد منذ أيام السيد المسيح والذي كان اول الشهود له مواطنون من هذا الشرق، من هذه الأرض التي تشهد اليوم اضطهادهم".
وأكد أن "هذه القضايا لا يمكن ان تكون الا مصدر الهام أساسي في ضمائر آباء السينودس الذين سينتخبون البطريرك الجديد وفق اعتبارات أخرى يمكن أن تتحكم بالاختيار والاختيار هو لرجل المرحلة، لرجل الفضيلة والتجرد والتعالي عن كل حساب خارج مصلحة القطيع الذي قاده السيد المسيح في البدء وقال "ان هو الراعي الصالح"، نحن أغصان الكرمة ولا كرمة دون أغصان، وفق ما قاله السيد المسيح نتطلع بثقة الى الكرمة التي تعيش لما يتفرغ عنها من أغصان، اما كلمة الإصلاح فوجدت اساسا في الحوار حول شؤون الكنيسة، وهو حاجة دائمة مع استمرار الآباء رعاة على اي مستوى كانوا، ما يحتاجه أبناء الكنيسة في هذه الأيام العصيبة، وبخاصة في بلدان الشرق حيث للكنيسة حضور فاعل في المجتمع".
واعتبر أنه "على الصعيد اللبناني، فلا حاجة لأعضاء المجلس الأعلى إعادة الآباء بالذاكرة الى الدور المحوري الذي أداه أبناء الطائفة على طوال تاريخهم اللبناني المعاصر، وليس فقط على الصعيد السياسي، بل داخل المجتمع، عبر نشاطاتهم ونجاحاتهم المتنوعة، فهم أصحاب الحلول في الأزمات والمصاعب، وقد ركن الى ممثليهم أباء الاستقلال وفي ما بعد، توسلا لحلول كانوا وما يزالون الأقدر على استنباطها وكان المطلوب، ولا يزال، ان تكون لهم كلمة فاعلة في الشأن المسيحي السياسي، وفي الشأن الوطني ككل، لأن كلمتهم كانت ولا تزال الكلمة الحكيمة والتوافقية التي تصب في المصلحة العامة، كما أن ثقافتهم وتاريخهم ساهما في نجاحاتهم وإنجازاتهم في أوروبا وفي العالم".