غطّت التطورات البارزة في الخليج على مسار المعارك ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي «داعش». علماً أنّ ما يجري على الصعيد الميداني من معارك ضارية في العراق وسوريا في آن معاً، هو واحدة من أخطر مراحل الحرب في هذا الربيع العربي المزعوم، وأشدها شراسة، وأغزرها دماء.
وبات في حكم المؤكد أن صفحة مرحلة «داعش» (الدولة) في طريقها الى أن تُطوى نهائياً... أما «داعش» الفكر الإرهابي المتطرّف فلن يزول... ولعدم زواله أسباب عديدة لا تتسع لها هذه العجالة. ولكن يمكن القول: إذا كانت القاعدة قد إنتهت، وإذا كان «الطالبان» قد إنتهوا، وإذا كان «الاخوان» قد زالوا (...) فإنّ «داعش» سيزول.
أما داعش المؤسسة والنظام والإدارات المتعددة، أي «الدولة» فهي ستدول حكماً إن لم تكن قد دالت بعد.
ولهذا التنظيم الإرهابي دور لا شك في أنه جرى تدبيره في ليل، والمدبرون هم عقول مخرّبة، مجرمة، عرفت كيف تجرّ هذا الكمّ الضخم من الشبان المضلّلين لتحقق عبرهم سلسلة أهداف، أبرزها:
1 - إظهار الإسلام بالوجه الذي ظهر فيه تنظيم داعش... وفي هذا إساءة عظيمة إلى الدين الحنيف.
2- تحويل المنطقة الى ساحة لسفك دماء المسلمين (والعرب) بأيدي المسلمين والعرب.
3- إسقاط دور الجيش السوري نهائياً في المواجهة مع العدو الإسرائيلي، بعد إلغاء الجيش العراقي في العام 2003 إثر الغزو الأميركي للعراق، وبعد سحب الجيش المصري من دوره في المواجهة من خلال إتفاقيتي كامب داييد سيئتي الذكر (...)
والسؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح هو: من أين جاءت «داعش»؟ وكيف تمكنت من تحقيق هذا الخرق السريع مشفوعاً بتمدد غير مسبوق السرعة على حساب العراق وسوريا واحتلال أراض شاسعة أقامت عليها دولتها؟ وكيف أن مجموعة من الدول العظمى تعد بالعشرات تتقدمها القوتان العظميان بامتياز (روسيا وأميركا) عجزت طوال أكثر من ثلاث سنوات عن مواجهة داعش؟ وكيف ما كان مستحيلاً بات في متناول اليد في هذه الأيام؟!.
ولقد يصح في داعش ما قيل من قبل في «الاخوان» وفي «طالبان» فهذان التنظيمان وُلِدا في مخيّلة الغرب واستخدما بقوّة في البلدان الإسلامية والعربية. فمن لا يعرف أن الاخوان المسلمين في مصر هم «إختراع» بريطاني؟!. ومن ينكر أن «طالبان» هم إختراع أميركي؟! ومع أنّ قيادات «داعش» و«النصرة» وسواهما نشأت وترعرعت في حمى انظمة إسلامية وعربية فمن يستطيع أن ينكر أن الإمداد الغربي لم يكن واضحاً بتسهيل المهام وبـ«غضّ الطرف» عن التمدد؟!.
هوذا دولة «داعش» تلفظ أنفاسها الأخيرة. ولكن «الدواعش» باقون... وسيتمظهر وجودهم أكثر فأكثر في الغرب ليصح في الغربيين القول المأثور: «طابخ السُمّ آكلُهُ». وبالتأكيد فإن معظم العمليات الإرهابية في الغرب خصوصاً التي يتبناها التنظيم ليست وليدة قرار وتخطيط قيادي مركزي، والمنفذون ليسوا في الضرورة مؤطّرين في التنظيم، إنما هم المنجذبون إليه، لغير سبب وسبب، ليس الآن المجال ملائماً لتعدادها.
بل إن قيادة التنظيم بلغ بها الأمر حدّ تبنّي عملية إجرامية إرهابية نفذها، أحدهم في الفليبين،ليتضح لاحقاً إن المنفّذ مسيحي وهو أراد الإنتقام من السلطة، وربما لم يسمع بإسم داعش في حياته.