هل «تظبط» هذه المرة ويكون للبنانيين قانون إنتخابات جديد بعد نحو ستة عقود على قانون وُضع (قبل 57 سنة تحديداً) في عهد الرئيس المرحوم فؤاد شهاب، وكان - في حينه - للبنانيين جميعاً، ولم يكن مفصّلاً على قياس هذا الطرف أو تلك الطائفة أو أولئك الزعماء... نقول هذا باعتبار أن القوانين «الخنفشارية» التي أُقرت واعتمدت في ما بعد إقرار إتفاق الطائف وضعها ضباط الوصاية وأعوانهم في الداخل لتتوافق مع المصالح الضيقة وليس مع «الطائف»، ولإرضاء هذا أو ذاك وذلك من الأتباع والأزلام الذين فرّخت مجموعة منهم في مختلف المناطق... فجرى «زمّ» دائرة إنتخابية هنا الى الحدّ الأدنى، و«مطمطة» دائرة هناك الى حدّ البهبطة، وما بين الدائرتين من دائرة وسطى. وتمّ ذلك «الشغل» على عينك يا تاجر وبأوامرك يا فاجر، والهدف الغادر من ذلك كلّه قصقصة ما كان قد تبقى من ريش في الجناح المسيحي الذي كان «يجب» كسره. وكسروه! فمن لا يذكر عندما تقرر دفع المسيحيين الى الخروج من الدولة، ونجحت المحاولة بامتياز، بعدما رفض أصحاب القرار تأجيل الإنتخابات النيابية في محافظة الجبل، أسبوعاً واحداً «من هذا الأحد الى الأحد المقبل» كما طلب غبطة البطريرك السابق مار نصراللّه بطرس صفير... فلم يُسْتَجَبْ طلبه... وكان ما كان. وللمناسبة أشهد بأن رئيس حكومة الإنتخابات يومذاك المرحوم رشيد الصلح حاول المستحيل للموافقة على رغبة البطريرك ولكنهم لم يمكّنوه... وأنا شاهد على تلك المرحلة! وسمعته يقول في لقاء خاص مع مسؤول كبير نافذ: إن ما يجري يضرب المسيحيين... ولبنان من دون دورهم لا يبقى الوطن الذي أردناه... فواجبنا، نحن المسلمين أن نلبي مطلبهم، خصوصاً أنهم لا يطلبون المستحيل... فقط مجرّد التأجيل أسبوعاً.
المهم إننا اليوم بتنا على موعد مع قانون جديد للإنتخابات. والجدّة ليست في التوقيت الزمني وحسب، إنما هي خصوصاً في المضمون، أقلّه في إعتماد النسبية وإن كانت المماطلة ومبدأ «تحسين الشروط» كادا أن يُفرغاها من مضمونها... فيصح القول إننا مع النسبية على الطريقة اللبنانية... ولا بأس فتلك خصوصيّة أهل السياسة في هذا البلد.
ولا نقول جديداً عندما نذكر أنّه مع النسبية لن تقوم قائمة لأي لائحة بكامل أعضائها. فحتمية القاعدة النسبية في الإنتخابات تقاسم الأصوات وحصول كل لائحة أو طرف أو فريق على فوز بقدر نسبة الأصوات التي ينالها.
وهذا يعني، في النتيجة، أن «البوسطات» (في اللوائح) لا يمكنها أن تسلك الطريق كلّه الى نهايته منفردة، فلا بدّ من أن يرافقها آخرون من المنافسين. وهذه آية النسبية المنتظر أن تعيد حداً من الإعتبار الى قوى (تقليدية أو حديثة) إنما هي وازنة وذات حق في كسر طوق البوسطات والاحتكار السياسي الذي أدى الى العقم المخيف في صلب الحياة السياسية... خصوصاً وأن الطبقة السياسية التي تتناوب على الشعب أجداداً وآباءً وأحفاداً بلغت حدّ العجز التام عن إستيلاد الأفكار الفذّة والخلاقة.
وإذ نأمل أن «تنتهي على خير»، نضع أيدينا على قلوبنا مخافة «فركشة» قد تكون متعمّدة لإبقاء القديم على قدمه. وفي تقديرنا أن هذا مطمح الكثيرين، إن لم يكن الجميع، حتى ولو بدت المظاهر في مكان آخر... فهم يؤثرون »الستين« إذا قُدّر لهم أن يقرروا (...).