في الأشهر السابقة، فضلت أغلب القوى السياسية اللعب على حافة الهاوية في النقاشات حول قانون الإنتخابات النيابية، في ظل أوضاع معقدة على المستويين الإقليمي والدولي، لكن في نهاية المطاف تم الإتفاق على مشروع يقوم على أساس إعتماد النظام النسبي مع تقسيم لبنان إلى 15 دائرة.
العديد من العوامل ساهمت بالوصول إلى هذه المرحلة، في حين كان خطر العودة إلى القانون الحالي، أي الستين، أو الذهاب إلى التمديد أو الفراغ داهماً، لكن الأكيد أن البلاد في جميع الحالات في طور الدخول إلى مرحلة جديدة لا أحد يعرف كامل معالمها.
في هذا السياق، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي جوني منير، في حديث لـ"النشرة"، أن الدافع الأكبر نحو الإتفاق على مشروع القانون الإنتخابي كان الموقف الأخير لرئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أعلن فيه أنه لن يقبل بالذهاب إلى الإنتخابات على أساس الستين، بالإضافة إلى مواقف قوى أخرى كانت ترفض الذهاب إلى الفراغ.
بالنسبة إلى التيار "الوطني الحر"، يوضح منير أن بعض الأفرقاء كانوا يقولون أنه يرفع السقف من أجل الذهاب إلى الستين، في حين كان يؤكد هو بأن الهدف هو تحسين شروط التفاوض، لكن اليوم يمكن ترجيح الخيار الثاني بالرغم من أن المشككين لا يزالون على موقفهم.
من جانبه، يشير الكاتب والمحلل السياسي خليل فليحان، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن أغلب القوى السياسية فضلت الذهاب إلى التسوية لتجنب الفراغ الذي كان يهدد البلاد، لا سيما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالإتفاق مع "حزب الله"، لكنه يوضح أن اللافت في الإتفاق الحاصل هو أن الإحتجاج ممنوع إلا في إطار وضع الملاحظات التي لن يؤخذ بها والتصويت غير ممكن، ويضيف: "هذا مؤشر على أن هناك قوة تريد فرض القانون أو التسوية على الجميع، خصوصا أن النقاش حول البنود العالقة كان من الممكن أن يأخذ المزيد من الوقت".
ويرى فليحان أن رئيس الجمهورية على ما يبدو أستدرك الوضع تجاوباً مع ما كان وعد به، وهو أصر على الإتفاق على قانون جديد في حين قاد عملية التفاوض وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ويعتبر أن هذا السبب هو الذي دفع برئيس التيار "الوطني الحر" إلى عدم الإصرار على المطالب رغم قوله أن هناك أموراً لم تحل بعد.
من جهة ثانية، يؤكد منير أن النسبية أمر جيد لكن يجب أن إنتظار التطبيق، ويعتبر أنه كان من الممكن للقانون أن يأتي بشكل أسهل من دون كل التعقيدات، ويلفت إلى أن أغلب التيارات السياسية، باستثناء "حزب الله"، يمكن القول أنها متضررة من هذا الخيار، لا سيما أن البلاد في طور الدخول في مرحلة جديدة لا أحد يعرف كامل معالمها، ويتوقع أن تتأثر التحالفات إلى حد كبير.
بالنسبة إلى فليحان لا يمكن الحديث منذ الآن عن المتضررين، لكنه يشير إلى أن تيار "المردة" يبدو متضرراً من خلال تصريح ممثله في الحكومة وزير النقل والأشغال العامة يوسف فنيانوس، بالإضافة إلى رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط الذي وافق على مضض.
على صعيد متصل، يرى فليحان أن التمديد التقني أمر ضروري، بحسب ما أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، لكنه يدعو إلى الإنتظار لمعرفة الموعد الذي سوف يتم الإتفاق عليه بين رئيسي الجمهورية والحكومة لإجراء هذا الإستحقاق.
في المحصلة، نجحت القوى السياسية تحت الضغط بالوصول إلى إتفاق على قانون الإنتخاب، يبدو من خلال المواقف المعلنة أن القوة الداعمة له لن تسمح بعرقلته من جديد.