وقعت قطر يوم الاربعاء الماضي اتفاقا مع الولايات المتحدة الاميركيية لشراء 36 طائرة مقاتلة F15 بقيمة 12 مليار دولار، بعد ان نالت الصفقة موافقة وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس.
ووقع الاتفاق كل من وزير الدفاع الاميركي ووزير الدولة القطري لشؤون الدفاع خالد العطية، ونشر السفير القطري لدى واشنطن مشعل بن حمد آل ثاني صورة لمراسم التوقيع.
وتأتي صفقة بيع السلاح الاميركي لقطر بعد حوالي شهر من اندلاع ازمة بين الدوحة وعدد من الدول العربية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، حيث اتخذت الدولتان إجراءات اقتصادية قاسية لمحاصرة الدوحة وإجبارها على وقف دعم الاٍرهاب وقطع علاقاتها مع ايران.
وقال مسؤول قطري ان هذه الصفقة هي دليل على ان المؤسسات الاميركيّة "معنا ونحن لم نشك في ذلك ودعم اميركا لقطر متأصل ولا يتأثر بسهولة بالتغييرات السياسية".
ورأت مصادر دبلوماسية عربية ان هذه الصفقة تعكس التوجهات السياسية لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني البالغ من العمر 33 عاما الذي بدأ حكمه في ظل والده الذي تنازل لصالحه في عام 2013، وبأن الاولويات الاساسية هي بقاء قطر حليفا للولايات المتحدة، وعدم القيام بأي شيء يزعج ايران لأن معظم ثروة بلاده من الغاز تقع بمعظمها في حقل بحري ضخم تتشاركه مع الجمهورية الاسلامية، وحتى الان تستفيد قطر منه اكثر من ايران.
وتعتقد هذه المصادر ان جذور الازمة الراهنة بين الدوحة والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تعود الى العام 1955، وليست مرتبطة ارتباطا وثيقا بسلوك قطر حيال تمويل الاٍرهاب والوقوف مع ايران ضد مجلس التعاون، لا سيّما وان العلاقات التجارية بين ابو ظبي وطهران تفوق بالملايين علاقتها مع الدوحة.
وتضيف المصادر انه عندما قام الامير حمد والد تميم بإقالة والده اعتبرت السعودية والإمارات انقلاب الاسرة سابقة خطيرة للاسر الحاكمة في الخليج وتآمرت ضد حمد، وأعدت مئات من رجال العشائر القطرية للقيام بمهمة قتل الامير حمد واثنين من اخوته بالاضافة الى وزيري الخارجية والطاقة لإعادة الامير المخلوع الى السلطة، ووضعت الإمارات قوة جوية في حالة تأهب لدعم محاولة الانقلاب التي لم تحصل فعلا، لان أحد رجال العشائر "خان" المؤامرة قبل ساعات من تنفيذها، ومن هنا ارتياب الامير تميم حيال نوايا الدولتين.
ورأت المصادر نفسها ان السعودية والامارات قد خاب ظنّهما حيث كانتا تعتقدان ان الإجراءات التي اتخذتها مع مصر ضد قطر كفيلة بانصياع الدوحة، لكن هذا لم يحصل.
وترى المصادر ان واشنطن بامكانها الاضطلاع بدور مهم في نزع فتيل هذا الوضع الذي قد ينفجر، وان كانت الولايات المتحدة ترى ان قطر لم تكن منصفة في موازنتها بين واشنطن والدوحة، لكن صراعا بين دول الخليج وقطر يدفع هذه الاخيرة الى حضن طهران وهذا يضر بالمصالح الاميركيّة.
وفي هذا السياق تقول المصادر ان وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون في وضع جيد للقيام بمهمة رأب الصدع بين هذه الدول، اذ تعد شركة "إكسون موبايل" التي كان يشغل فيها منصب الرئيس التنفيذي هي الطرف الأجنبي الفاعل في قطاع الطاقة في قطر، لذلك فمن المفترض ان يعرف صانعي القرار الأساسي في الدوحة بشكل جيد.
وتعتقد المصادر ان واشنطن ستستغل الازمة الراهنة كفرصة للحصول على المزيد من المشاركة الفعّالة حيالها، وهذا يعني البحث مع الدوحة والرياض وابو ظبي في الخطوات المحددة التي يمكن ان تتخذها قطر لوقف الدعم للجهات المتطرفة، كما يمكن للولايات المتحدة ان تعطي قطر ضمانات امنية اضافية.
وأكدت المصادر ان تكديس هذا النوع من السلاح في دولة مثل قطر والتي تربطها علاقات وثيقة مع طهران، كما انها من الدول الخليجية الاولى التي أقامت قنوات اتصال مع اسرائيل، يعكس تخوّفها من اقرب المقربين اليها، بعد ان تعاظم دورها اقليميا ودوليا.