تستمر معاناة صيادي الأسماك على شاطئ السان سيمون والاوزاعي، بسبب رمي مخلّفات معامل غسل الرمول في البحر. ورغم زيارة وزير البيئة طارق الخطيب نهاية شهر آذار الماضي لهذه المنطقة ووعوده باتخاذ الوزارة اجراءات لحل الأزمة، إلا ان شيئاً لم يتغير، بل وعلى العكس، زاد انتشار اللون الأحمر فوق مياه البحر، ليبدو ظاهراً بأم العين كيف ان الوعود بحلّ هذه الأزمة بقيت دون تنفيذ.
أربعة معامل لغسل الرمول تنتشر في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي حتى اليوم، لم توقف قذف مخلّفاتها في بحر الاوزاعي والسان سيمون، عبر مجاري الصرف الصحي. ويعتبر هذا الشاطئ مورد رزق للعديد من العائلات التي تعتاش من صيد الأسماك، وبالتالي فإن مصالحهم باتت مهددة.
لا يوجد سمك
"البحر كله أحمر"، يؤكد نقيب الصيادين في المنطقة إدريس عتريس، في حديث مع "النشرة"، أثناء وجوده في البحر على متن قاربه، ويلفت إلى أن "عمليات رمي مخلّفات معامل غسل الرمول في البحر مستمرّة وهي تنشط بشكل كبير في أوقات الليل".
ويشير عتريس إلى أن "المعامل تعمد على رمي الأوساخ في البحر، وبسبب الرياح والامواج، تنتشر هذه الرمول في مياه البحر لتستقر قرابة شاطئ السان سيمون"، موضحاً أن "البحر في منطقتنا مقسّم إلى قسمين: الأول بالقرب من الشاطئ ولونه أحمر، ويعود إلى لونه الطبيعي كلما اقتربنا من عمق البحر".
وعن الوعود التي أطلقها وزير البيئة طارق الخطيب عند زيارته للمنطقة، يؤكد عتريس أنه "لم يتغيّر أي شيء منذ تلك الزيارة بل على العكس ازدادت الأزمة، الّتي اذا لم تُحلّ سنكون أمام مشكلة حقيقية، فلا يوجد سمك في البحر، ومصلحتنا باتت في خطر. كما انه عند تجوالي على الشاطئ وجدت عدداً من الاسماك الصغيرة النافقة، واذا اختفت هذه الاسماك ستختفي الثروة السمكية من شاطئ السان سيمون".
يجب المحاسبة
"كيف عادت مغاسل الرمول الى العمل رغم القرارات العديدة بايقافها؟ كيف سُمح بتركها كل الفترة الماضية ومنذ سنين؟ أين البلديات والوزارات والقضاء لمحاسبة من يخرّب البيئة في لبنان"؟، كلها أسئلة طرحها رئيس الحركة "البيئية اللبنانية" بول أبي راشد، في حديث مع "النشرة"، ليعرب عن استغرابه من بقاء الوضع على حاله رغم الوعود الكثيرة بحلها.
ويشير أبي راشد إلى أن "الصور الجوية تظهر بشكل واضح كيف يخرج من مجاري الصرف الصحي، التي تصب على شاطئ السان سيمون، الرمول بطريقة لا تصدق"، معتبراً أن "الفضائح البيئية التي تتراكم يوماً بعد يوم دون أي حل ستؤدي إلى دمار البيئة، الّذي سببه أشخاص لا زالوا دون محاسبة، لذا يجب أن نعرف من هو المقصّر ومن هو الفاعل".
"مش فاضي"
محاولات عديدة قمنا بها للوصول إلى وزير البيئة للاستيضاح عن الخطوات التي تنوي الوزارة القيام بها، رغم أن الوعود التي أطلقها واقترب عمرها من الثلاثة أشهر. عدة اتصالات هاتفية ولم يرد الوزير، الى أن أجاب على إحدى المحاولات، وكان الجواب "مش فاضي حكوني بعدين" وأقفل الخط بسرعة، وورغم تكرار المحاولة مجدداً لكن الوزير بقي "مش فاضي".
ربما لم يتهرّب الوزير، فهو حقاً "مشغول ومش فاضي"، فالملفات البيئية الطارئة كثيرة في لبنان ووعوده بحلها أيضا كثيرة. عصارة مكب برج حمود تتفاقم، أزمة مكب الكوستا برافا تتفاقم، شاطئ السان سيمون، والكثير غيرها من الأزمات التي بالتأكيد يعمل الوزير على حلها. وان كان فعلاً منشغلاً والأزمات الى تفاقم، فكيف ان كان غير منشغل.
مع استمرار رمي مخلّفات معامل غسل الرمول على شاطئ السان سيمون، سيبقى التهديد الأبرز لهذه المشكلة هو فقدان عشرات العائلات لمصدر رزقهم، بسبب التهديد اللاحق بالثروة السمكية.