في شهر أيار الماضي تم الكشف عن إتفاق تم بموجبه تفويض "لواء المعتصم"، التابع لغرفة عملية "درع الفرات" المدعومة من الحكومة التركية، من جانب التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب إدارة قرى وبلدات في ريف حلب تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، وهي منغ، عين دقنة، تل رفعت، مريمين، المالكية، شواغر، مرعناز، الشيخ عيسى، حربل، كفر ناصح، دير جمال، لكن على ما يبدو هذا الإتفاق لا يزال حبراً على ورق، والأمور مرشحة إلى المزيد من التصعيد بعد فشل التفاوض حول تسلم "اللواء" تل رفعت، بحسب ما تقول فصائل المعارضة السورية المقربة من أنقرة.
ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه مناطق ريف حلب الشمالي اشتباكات عنيفة بين فصائل "الجيش السوري الحر" و"قوات حماية الشعب الكردي"، المكون الرئيسي لما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية"، على عدّة محاور قرب مدينة مارع، في حين كشف رئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم مصطفى سيجري أن القوات الخاصة التركية تستقدم تعزيزات عسكرية ضخمة جداً إلى الداخل السوري.
في هذا السياق، يوضح سيجري، في حديث لـ"النشرة"، أن تل رفعت لا تزال تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، بالرغم من الإتفاق على تسليمها إلى "لواء المعتصم"، ويشير إلى أن ليس هناك من توافق بين الولايات المتحدة وتركيا حول هذا الموضوع على ما يبدو.
من جانبه، أعلن المجلس العسكري في المدينة إنتهاء العمل بالمفاوضات مع "وحدات حماية الشعب"، لأنها لم تبد أي تجاوب واستمرت بالمماطلة "رغم أنها معتدية ومحتلة لهذه المناطق وليس لها أي ذريعة محقة لاحتلالها"، لافتاً إلى أنها لم "تترك لنا من خيار إلا الطريق العسكري لاستعادة أرضنا".
في الجهة المقابلة، يؤكد المسؤول الإعلامي لحزب "الاتحاد الديمقراطي" ابراهيم ابراهيم ، في حديث لـ"النشرة"، أن تل رفعت لا تزال تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، لكنه ينفي في الأصل وجود أي تفاهم أو إتفاق على تسليمها إلى "لواء المعتصم"، ويعتبر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو وراء ما يحصل لأنه لا يريد أن تهدأ الأمور بأي شكل من الأشكال.
من وجهة نظر إبراهيم أنقرة تريد "إبتلاع" المزيد من الأراضي السورية من خلال هذه الخطوة، لكنه يشدد على أن "قوات سوريا الديمقراطية" ستكون لها بالمرصاد، ويشير إلى أنهم يسعون من خلال الدعاية التي يقومون بها إلى إستغلال العامل الكردي كمبرر، في حين أن "جيش الثوار" هو من يتواجد في هذه المنطقة.
في ظل هذه الوقائع، تطرح مصادر متابعة، عبر "النشرة"، علامات الإستفهام حول إحتمال أن يؤدي التصعيد القائم في هذه المنطقة إلى مواجهة عسكرية جديدة بين الفصائل المدعومة من الجانب التركي و"قوات سوريا الديمقراطية"، وترى أن تداعياتها ستكون كبيرة على المعارك التي تخوضها الأخيرة ضد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في الرقة، وتعتبر أن من المفترض أن يكون هناك تدخل من الجانب الأميركي في وقت قريب.
من وجهة نظر هذه المصادر، ما يحصل هو تأكيد على أن واشنطن لا تزال حتى الآن غير قادرة على رعاية تفاهم بين حلفائها، مع العلم أن "لواء المعتصم" هو من الفصائل التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة، وتستغرب التناقض في المعلومات عن وجود الإتفاق من عدمه حتى اليوم، في حين لم يذهب الجانب الأميركي إلى حسم هذه النقطة.
في المحصلة، يعيد الخلاف حول تل رفعت السجال التركي الكردي إلى الواجهة بعد أن كانت أنقرة غضت الطرف عن توجه واشنطن إلى الإعتماد على "قوات سوريا الديمقراطية" في معركة تحرير الرقة، لكن هل تنجح الولايات المتحدة في تهدئة الأمور من جديد؟