حسمت "المعارضة العونية" أخيرا أمرها وقررت الخروج من ثوب "التيار الوطني الحر" لتنظيم صفوفها، على أن تكون محطة الانتخابات النيابية المقبلة في شهر أيار المقبل كاختبار أولي لفعاليتها ولمدى تجاوب العونيين الممتعضين من القيادة والسياسة الحالية للتيار معها. وينصرف عدد من قياديي التيار السابقين والذين تم إما طردهم او قرروا الخروج من تلقاء أنفسهم، لاعداد برنامج سياسي واضح يحدد توجّهاتهم ونظرتهم للدولة وللسياسة الداخلية كما لمختلف الملفّات، يعرضون في سياقه حلولا لأزمات متعددة، على ان تكون الأسس والمبادىء التي قام عليها التيار الوطني الحر عند انطلاقته هي الأسس والمبادىء التي يقوم عليها هذا البرنامج وهذه الحالة التي يسعون لتعميمها.
وبحسب مصدر قيادي في هذه المجموعة، فقد تقرر ترشيح كل من نعيم عون وانطوان نصرالله ورمزي كنج وزياد عبس الى الانتخابات النيابية المقبلة، على ان يكون هناك مرشحين آخرين يمثلون "المعارضة العونية" في مناطق في بيروت وجبل لبنان وفي الشمال. ويشير المصدر الى ان "هؤلاء سيكونون ضمن لوائح المجتمع المدني الذي سنسعى للتوصل مع مجموعاته وأحزابه الى نقاط مشتركة تشكل برنامجا مصغرا موحدا نخوض الانتخابات على اساسه". ويضيف المصدر: "لا شك ان المهمة ليست سهلة لكنها ممكنة خصوصا وأن حالة الامتعاض من الاحزاب السياسية وممارساتها تتنامى ويمكن البناء عليها".
ولا تعوّل "المعارضة العونية" فقط على تنامي الحالة الاعتراضية على آداء أحزاب السلطة، بل على "رمزية المرشحين وحيثيتهم الشعبية في مناطقهم كما خارج اطار هذه المناطق والأهم على كونهم من مؤسسي التيار الوطني الحر وبالتالي حراس المبادىء والاسس التي قام عليها". ويقول المصدر في هذا الاطار: "كنا في السابق نعمل كحركة تصحيحية من الداخل، لكن السنوات القليلة الماضية اظهرت انّه لم يعد هناك مجال لاصلاح داخلي بعد تفاقم الاخطاء إن على المستوى ادارة التيار او على المستوى السياسي والحكومي".
ويعمل المعارضون مع عدد من الخبراء لاعداد أوراقهم وملفاتهم قبل اسدال الستار عن "حالتهم"، والذي لا شك سيتم قبل موعد الانتخابات النيابية بأشهر. وهم لا يسعون في الوقت الراهن لتأسيس حزب بل لمجرد خوض الانتخابات على ان يتم بعدها البناء على النتائج. وان كانوا يعتقدون ان هناك الكثير من العمل للقيام به لضمان نجاح مهمتهم، الا انّهم في الوقت عينه يبدون مطمئنين تماما، من منطلق ان القيادة الحالية للتيار تخدمهم من خلال ما يقولون انّها "سياسات خاطئة تتراكم تقرّ بها الجماهير العونية وترفضها". وفي هذا المجال يتساءل المصدر: "كيف يفسّرون لقواعدهم الشعبية السير بالصوت التفضيلي على مستوى القضاء وكأننا زعماء مناطق؟ لطالما كان ما ميزنا عن كل هؤلاء وعن باقي الاحزاب امتدادنا الوطني، فهل يصح الانقلاب على المبادىء فقط لضمان فوز مرشح معين في دائرة محددة"؟. ويضيف المصدر: "اتعتقد القيادة ان احدا لم يلحظ انّها لم تتكبد عناء خوض معركة الكوتا النسائية وغيرها من الاصلاحات وحصرت معاركها بتحويل التيار الى حزب طائفي لا يشبه بشيء ما كان عليه عند تأسيسه"؟.
اذا قيادة "التيار الوطني الحر" على موعد في أيار المقبل مع معركتين كبيرتين. الاولى بوجه اخصامها المعروفين والثانية وجها لوجه مع من أسسوا التيار ووضعوا قوانينه ورسموا سياساته السابقة. ولعل حدة المنافسة في المعركة الثانية قد تفوق بأشواط حدة المعركة الأولى خاصة واذا كان من هندس وادار ماكينة التيار الانتخابية في الاستحقاقات الماضية في صفوف "الأخصام–الزملاء السابقين".