العصر الذي نعيش فيه سرعان ما تتحوَّل فيه الكماليات إلى ضروريات. حين تكون السلعة أو الخدمة، من الكماليات، بإمكان المواطن الإستغناء عنها أو على الأقل التقليل منها، لكن حين تصبح من الضروريات فإنّها تكون كالقدَر الذي لا مهرب منه.
تنطبق هذه المقاربة والمقارنة، على خدمة الإنترنت، هذه الخدمة كانت في ما مضى من كماليات العيش، بالإمكان عدم استخدامها من دون أن تتأثر الحياة اليومية، ولكن مع ترابط الأمور الحياتية بعضها ببعض، أصبحت الإنترنت أكثر من كماليات وربما أكثر من ضروريات وصارت ملازمة لدقائق الحياة اليومية:
من دون إنترنت لم يعد هناك من إمكانية للتعليم المدرسي والجامعي الذي صار يعتمد على أل EBook.
ومن دون إنترنت صارت المعاملات المصرفية مستحيلة.
ومقياس تطور الدول أصبح عبر المعاملات الإلكترونية والحكومات الإلكترونية. وحتى الإنتخابات النيابية باتت تعتمد على الإنترنت، وما البطاقة الممغنطة سوى حاجة ضرورية بعد تحسن الإنترنت.
هذا الواقع يُلقي على وزير الإتصالات جمال الجراح تحديات كبرى، فهو المعني بهدفين كبيرين:
الأول تحسين خدمات الإنترنت، والثاني تخفيض أسعارها.
تخفيض الأسعار تمَّ منذ فترة، وكان مقبولاً جداً من الناس ولاقى استحساناً لديهم، خصوصاً أنَّ نسبة التخفيض تجاوزت الخمسين في المئة وبلغت الستين في المئة.
يعرفُ وزير الإتصالات جمال الجراح تأثير هذه الخطوة في السياسة، فهو في المعترك السياسي منذ أكثر من ربع قرن، إذ كان منسق تيار المستقبل في البقاع من العام 1996 حتى العام 2004، وانتقل من المنسقية إلى الندوة البرلمانية من العام 2005 حتى اليوم.
جمال الجرَّاح يُصنَّف في بلدته البقاعية، المرج، على أنَّه من الصقور. كان دائماً على الأرض مع الناس، وهذا ما جعل أعداد الذين صوَّتوا له ترتفع تسعة آلاف صوت بين انتخابات 2005 وانتخابات 2009. هو إبن الأرض خصوصاً أنَّ والده كان مختاراً على مدى ربع قرن، وهو منفتح بقاعياً ووطنياً، درس في الكلية الإنجيلية في زحلة، تخرَّج من الجامعة اللبنانية - الأميركية، وباكراً تدرَّج في الأعمال حتى صار مديراً إقليمياً لبنك البحر المتوسط في البقاع، فحاز ثقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما هو اليوم يحوز ثقة الرئيس سعد الحريري.
الإنتخابات النيابية على الأبواب، الوزير جمال الجرَّاح يشعر بأنَّ عليه الكثير ليقدِّمه للناس، سواء من موقعه كقيادي من الصقور في تيار المستقبل، أو كنائب عن منطقة البقاع أو كوزير خدماتي، مهمته أن يقدِّم الخدمات بأقل كلفة للمقيمين على أرض لبنان، بين مواطنين ونازحين ولاجئين حيث يتجاوز العدد خمسة ملايين.
ليست مهمة بسيطة أن يكون وزيراً ونائباً مسؤولاً تجاه هذه الملايين ولتقديم أفضل الخدمات لهم، إنه التحدي الأكبر.